فصل العين والجيم
ع ج ب :
قوله تعالى : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ)(١). العجب والتّعجّب : حالة تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء. وقال بعضهم : التعجب زيادة في وصف الفاعل خفي سببها ، وخرج بها المتعجب منه عن نظائره. وعلى هذا فلا يسند إلى الباري تعالى لاستحالة ذلك عليه تعالى ، فإن ورد ما ظاهره خلاف ذلك وجب تأويله كقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)(٢) ، (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)(٣) ، (بَلْ عَجِبْتَ)(٤) في قراءة ضمّ التاء على معنى حال هؤلاء حال من يقال فيه ذلك (٥). وقد ورد في الحديث : «عجب ربّكم» (٦) من كذا ، وهو مؤوّل على معنى يليق بجلاله. قال بعضهم : كما أسند إليه المجيء والإتيان بمعنى يليق به لا على ما نتعارفه. وقيل : قوله : «عجبت» إنه مستعار بمعنى أنكرت كقوله تعالى : (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ)(٧) قاله الراغب (٨) : وفيه نظر. وقيل : معنى «عجب ربّكم» عظم ذلك عنده وكبر. وقيل : معناه أثاب ورضي كقوله : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ)(٩) يعني سمّى جزاءه عجبا تنبيه أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبل.
__________________
(١) ٥ / الرعد : ١٣.
(٢) ١٧٥ / البقرة : ٢.
(٣) ٣٨ / مريم : ١٩.
(٤) ١٢ / الصافات : ٣٧.
(٥) قرأها الناس بنصب التاء ورفعها ـ الرفع لحمزة والكسائي وخلف ، والفتح لغيرهم ـ. ويقول الفراء : والرفع أحبّ إليّ لأنها قراءة علي وابن مسعود وابن عباس (معاني القرآن : ٢ / ٣٨٤).
(٦) يقول ابن الأثير : وإطلاق التعجب على الله مجاز لأنه لا تخفى عليه أسباب الأشياء (النهاية : ٣ / ١٨٤).
(٧) ٧٣ / هود : ١١.
(٨) المفردات : ٣٢٢.
(٩) ٣٠ / الأنفال : ٨.