وكذب يتعدّى لاثنين ، لأحدهما بنفسه ، وللثاني بحرف الجرّ ، فيقال : كذبته الحديث وفي الحديث ، نحو : صدقته الحديث وفي الحديث.
ويقال : رجل كذّاب وكذوب وكذبذب وكذيذب وكيذبان ، كلّ ذلك للمبالغة في كذبه. ويقال : حمل فلان على قرنه فكذب ، كما يقال في ضدّه : صدق. ويقال : كذبته نفسه : إذا خاب ظنّه ، ومنه قول الشاعر : [من الوافر]
وقد كذبتك نفسك فأكذبتها |
|
فإن جزعا وإن إجمال صبر |
وكذب لبن الناقة : إذا ظنّ أنه يدوم مدة فلم يدم.
فصل الكاف والراء
ك ر ب :
قوله تعالى : (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)(١) الكرب : الغمّ الشديد. والكربة : الغمّة الشديدة. قيل : وأصل ذلك من كرب الأرض : أي حفرها وقلبها بالحفر ، فكأنّ الغمّ يثير النفس إثارة ذلك. وقيل : أصله من قلب الأرض بالكراب ، أي الآلة التي تحرث بها الأرض. وقيل : أصله من أكربت الدلو ، أي شددته بالكرب (٢) ، فكأنّ الكرب يضيق النفس ويوثقها وثاق الكرب للدّلو ، وأنشد (٣) : [من البسيط]
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم |
|
شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا |
ويصحّ أن يكون من كربت الشمس : أي دنت للمغيب.
وكرب فعل مقاربة من أخوات عسى ، يعمل عمل كان ، وفي دخول أن في خبرها اختيارا خلاف ، وقد سمع بالوجهين ، فمن ذلك قول الشاعر (٤) : [من الخفيف]
__________________
(١) ٧٦ / الأنبياء : ٢١.
(٢) الكرب : الحبل الأول في رشاء الدّلو.
(٣) البيت للحطيئة ، كما في الديوان : ١٢٨ ، وفي اللسان ـ مادة كرب والجمهرة : ١ / ٢٧٥.
(٤) قيل إن هذا البيت لرجل من طيىء ، وقال الأخفش إنه للكلحبة اليربوعي أحد فرسان بني تميم وشعرائها. وهو من شواهد ابن هشام (أوضح المسالك : ١ / ٢٢٦).