كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(١) ففهمها الخبيث أخزاه الله تعالى.
قوله : (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) أي ما يعادل من الطعام الصيام. والفداء يطلق عليه عدل نظرا إلى المساواة. وقوله عليه الصلاة والسّلام : «لا يقبل الله منها صرفا ولا عدلا» (٢) قيل : العدل كناية عن الفريضة ، والصّرف النافلة وهي الزيادة على ذلك ، فهما كالعدل والإحسان على ما مرّ. ومعنى «لا يقبل منها» : لا يكون له خير يقبل منه. وقال النّضر : الصّرف : التّوبة قوله تعالى : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)(٣) يصحّ أن يكون من الشّرك ، وأن يكون من العدول عن الحقّ عدولا يقال : عدل يعدل : إذا تحرّى الحقّ وعدولا إذا مال عن وجه الصواب وهو في الأصل مطلق الميل. قوله : (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)(٤) قرىء مشدّدا ، من التّعديل ، أي لم يجعل إحدى يديك ورجليك أطول ، ولا إحدى عينيك وأذنيك أكبر لأنه كان مما يستبشع ، ومخففا أي عدل بك من الكفر إلى الإيمان ؛ قاله ابن الأعرابيّ : وفيه نظر لأنّ الخطاب عام للكافر والمؤمن ، والظاهر أنهما لغتان بمعنى التّسوية. يقال : عدلته فاعتدل ، أي قوّمته فاستقام ، وعدّلته فتعدّل ، قوله : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا)(٥) أي فرارا من إقامة الشهادة. فالمعنى أن تعدلوا عن إقامتها لمن تؤدّونها له أو عليه. وقيل : المعنى : لا تتّبعوا الهوى لتعدلوا ، نحو : لا تتّبعه لترضي الله ، أي أنهاك عنه لترضي الله.
وعادل بين الأمرين : نظر أيّهما أرجح. وعادل الأمر : ارتبك فيه فلا يدري أيّ طرفيه يتبع. والأيام المعتدلة : عبارة عن طيبها لاعتدالها.
__________________
(١) ١ / الأنعام : ٦.
(٢) النهاية : ٣ / ١٩٠ ، وفي الأصل الرواية بالمبني للمجهول.
(٣) ٦٠ / النمل : ٢٧.
(٤) ٧ / الانفطار : ٨٢. قرأها «فعد لك» مخففة الأعمش وعاصم وحمزة والكسائي. وقرأها أهل الحجاز «فعدّ لك» مشددة. وانظر خلاف المعنى في التأويل (معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٤٤).
(٥) ١٣٥ / النساء : ٤.