وقال : [من الوافر]
ولمّا أن توافينا قليلا |
|
أنخنا للكلاكل فارتمينا |
كأنّه سمّي بذلك لأنه محلّ الكلال ، فإنّ البعير يبرك عليه.
قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ)(١). اعلم أنّ كلّا حرف موضوع للرّدع والزجر ، وقد جعلها بعضهم على أضرب : أحدها أنه ردع وزجر لقوله تعالى : (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)(٢)(رَبِّي أَهانَنِ)(٣) ثم قال : «كلّا» أي ارتدعوا عن هذا الاعتقاد ؛ فإنّ من رزقه الله مالا لا يدلّ على كرامته عنده ، ولا من حرمه مالا لا يدلّ على إهانته عنده ، فقد جعل الكفرة ملوكا. الثاني : حرف استفتاح ، كقوله : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ)(٤). الثالث : بمعنى حقا كقوله : (ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلَّا)(٥). وهذه يوقف عليها ولا يبتدأ بها. الرابع أنها بمعنى ليس كقوله : (فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ كَلَّا) أي : ليس الأمر كذلك. والتحقيق أنها ردع وزجر ، وما ذكر من هذا الآي صالح له ، وقد حققناه في غير هذا ، وذلك بحسب المواد ، ولذلك قال الراغب : كلّا : ردع وزجر وإبطال لقول القائل ، وذلك نقيض «إي» في بعض الإثبات ، قال تعالى : (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا)(٦). قلت : يعني نقيض «أي» بكسر الهمزة وسكون الياء ، ويعني بها حرف الجواب الواقع قبل القسم ، كقوله : (إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ)(٧).
ك ل و :
قوله تعالى : (أَوْ كِلاهُما)(٨) كلا ألفها عن واو بدليل قولهم في مؤنّثه كلتا ، فأبدلوا
__________________
(١) ١٨ / المطففين : ٨٣.
(٢) ١٥ / الفجر : ٨٩.
(٣) الآية بعدها.
(٤) ٤ و ٥ / النبأ : ٧٨.
(٥) ١٤ و ١٥ / المعارج : ٧٠.
(٦) ١٠٠ / المؤمنون : ٢٣.
(٧) ٥٣ / يونس : ١٠.
(٨) ٢٣ / الإسراء : ١٧.