في آخر هذه السورة (١) فهي الأخت للأب ، قاله الهرويّ ، وقال ابن عرفة : فإذا مات الإنسان وليس له ولد ولا والد فذلك الكلالة ، لأنّ ورثته متكلا نسبهم. وقال القتيبيّ : الأب والابن طرفان للرجل ، فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه فسمي ذهاب الطرفين كلالة. وقال غيره : كلّ ما أحيف بالشيء من جوانبه فهو إكليل له ، وبه سميت الكلالة لتكلّل النسب ، والعصبة ـ وإن بعدت ـ كلالة ، وتقول العرب : لم يرث فلان كذا كلالة ، لمن تخصّص بشيء قد كان لأبيه ، وأنشد (٢) : [من الطويل]
ورثتم قناة الملك غير كلالة |
|
عن ابني مناف : عبد شمس وهاشم |
والإكليل سمي لإطافته بالرأس ، وفي حديث جابر : «مرضت مرضا أشفيت منه على الموت فأتاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعودني ، فقلت : يا رسول الله إني رجل ليس يرثني إلا كلالة» (٣) أي يرثني ورثة ليسوا بوالد ولا ولد ، وإنما كان يرثه أخواته فهذا واقع على الوارث. وظاهر القرآن يدلّ على أنه اسم للميت ، فإنّ كلالة من قوله : (يُورَثُ كَلالَةً)(٤) حال من الموروث ، ومن جعله اسما للوارث قال : تقديره ذا كلالة وقد حقّقنا ذلك في «الدرّ» وغيره. وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما : «سلوني ما شئتم إلا الكلالة».
قوله تعالى : (وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ)(٥) أي ثقيل ، يقال : كلّ فلان أي ثقل ، وكلّ في مشيه كلالا : ثقل عنه. وكلّ السيف : إذا نبا ، واللسان : إذا تعب ، كلولا وكلّة وأكلّ [فلان](٦) : كلّت راحلته. والكلكل : الصدر ، قال امرؤ القيس (٧) : [من الطويل]
فقلت له لمّا تمطّى بصلبه |
|
وأردف أعجازا وناء بكلكل |
__________________
(١) أنظر الآية ١٢ / النساء : ٤.
(٢) البيت للفرزدق كما في ديوانه : ٨٥٢.
(٣) ذكره ابن حنبل في القسم ٣ : ٢٩٨.
(٤) راجع باب الدلالة في سنن الدارمي ، باب الفرائض : ٢.
(٥) ٧٦ / النحل : ١٦.
(٦) إضافة المحقق للسياق.
(٧) من معلقته ، الديوان : ٣٦. وفي الأصل : بجوزه ، وهذه رواية اللسان أيضا.