الواو تاء لأنّه قد كثر إبدالها منها في ترة وتولج وتخمة (١) وأخوات لها مذكورة ، ولفظهما مفزد ومعناهما التثنية ، ولذلك روعي هذا مرة وهذا أخرى ، وقد جمع بينهما من قال (٢) : [من البسيط]
كلاهما حين جدّ الجري بينهما |
|
قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي |
فراعى المعنى في قوله : بينهما وأقلعا ، فثنّى ، واللفظ في قوله : رابي فأفرد ، لكنّ الأكثر مراعاة اللفظ ، ولذلك لم يجىء التنزيل إلا عليه كقوله : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(٣) ولم يقل : آتتا أكلهما. وزعم الكوفيون أنّهما مثنيان لفظا ومعنى ، وأنه يقال : كل وكلت ، وأنشدوا (٤) : [من الرجز]
في كلت رجليها سلامى واحده |
|
كلتاهما قد قرنت بزائده |
وزعم البصريون أنه موضوع.
ويجريان مجرى المثنّى في الإعراب إذا أضيفا إلى مضمر ، ويقدّر إعرابهما كالمثنى (٥). ويقدّر إعرابهما كالمقصور إذا أضيفا إلى ظاهر عند غير بني كنانة ، وعندهم كالمثنى مطلقا ، ويلزمان الإضافة لفظا ومعنى. ولا يضافان إلا إلى مثنى أو ما أفهم المثنى ، نحو : كلانا على طاعة الرحمن. فأمّا قول الشاعر (٦) : [من الرمل]
إنّ للخير وللشرّ مدى |
|
وكلا ذلك وجه وقبل |
__________________
(١) الترة النقص ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة مثل وعدته عدة. التّولج : كناس الظبي أو الوحش الذي يلج فيه ، التاء مبدلة من الواو. التخمة : استوخمت الطعام وتوخّمته إذا استوبلته. ومنه اشتقت التخمة. وشيء وخم أي وبيء ، تاؤه مبدلة من واو.
(٢) من شواهد المغنى : ٢٠٤ ، وفيه : حين جدّ السير. أورده ابن هشام شاهدا في مراعاة كلا وكلتا في الإفراد ومراعاة معناهما.
(٣) ٣٣ / الكهف : ١٨.
(٤) الرجز من شواهد اللسان من غير عزو ، وفيه : مقرونة بزائده. أراد : في إحدى رجليها ، فأفرد. وهو مذكور في معاني القرآن : ١ / ٤٠٥ و ٣ / ١٢٣.
(٥) وفي الأصل : كالمقصور ، وهو سهو من الناسخ. وهما في هذه الحال يلحقان بالمثنى ويعربان إعرابه ، أي يرفعان بالألف وينصبان ويجران بالياء.
(٦) البيت لابن الزبعرى في يوم أحد من قطعة ذكرها ابن يعيش (شرح المفصل : ٣ / ٣).