قلت : وقد وجد ذلك في عبارة بعض النحاة لكنه اعتذر عنه ، نحو : بدل الكلّ والبعض.
قوله تعالى : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)(١). اختلف الناس في ذلك اختلافا كثيرا ؛ فقال ابن عباس : الكلالة اسم لمن عدا الولد ، وقيل : لمن عدا الوالد والولد (٢) ، وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه سئل عن الكلالة فقال : «من مات وليس له ولد ولا والد» (٣) فجعله اسما للميت. قال الراغب : وكلا القولين صحيح ؛ فإنّ / الكلالة مصدر يجمع الوارث والموروث ، وتسميتها بذلك إمّا لأنّ النسب كلّ عن اللحوق به ، أو لأنه قد لحق به بالعرض من أحد طرفيه ، وذلك أنّ الانتساب ضربان : أحدهما بالعمق كنسبة الأب والابن. والثاني بالعرض كنسبة الأخ والعمّ. وقال قطرب : الكلالة اسم لما عدا الأبوين والأخ. وردّه الهرويّ ، وقال آخرون : هو اسم لكلّ وارث ، وأنشد (٤) : [من مجزوء الكامل]
والمرء يبخل بالحقو |
|
ق وللكلالة ما يسيم |
وقد ردّه الراغب فقال : ولم يقصد الشاعر بما ظنّه هذا ، وإنما خصّ الكلالة ليزهد الناس في جمع المال ؛ لأنّ ترك المال لهم أشدّ من تركه للأولاد ، وتنبيها أنّ من خلّفت له المال فجار مجرى الكلالة ، وذلك كقولك : ما تجمعه فهو للعدوّ. وقال السّدّيّ : الكلالة الذي لم يدع والدا ولا ولدا. وهذا ينبغي أن يكون أصحّها لما تقدّم في الحديث. قال أبو منصور : أصلها من تكلّله النسب إذا لم يكن الذي (٥) يرثه ابنه ولا أبوه. فالكلالة ما عدا الوالد والولد فكأنه قال : وإن كان رجل يورث متكلّلا لهم نسبا.
والكلالة تكون الوارث وتكون الموروث ، وهم الإخوة للأمّ دون الأب ، فأمّا الكلالة
__________________
(١) ١٧٦ / النساء : ٤.
(٢) يعني من الورثة. فالكلالة : أن يموت الرجل ولا يدع والدا ولا ولدا يرثانه ، وأصله من تكلّله النسب : إذا أحاط به. وقيل غير ذلك (أنظر اللسان ـ النهاية : ٤ / ١٩٧).
(٣) صحيح البخاري ، الجنائز : ٦.
(٤) من شواهد الراغب في المفردات : ٤٣٨.
(٥) مذكورة في النسخة : د.