جادت عليه كلّ عين ثرّة |
|
فتركن كلّ حديقة كالدّرهم |
فقد راعى معناها من حيث إنه قال : فتركن ، فأتى بضمير الجمع ، وليس بقياس (١). وإذا قطعت عن الإضافة روعي معناها ـ وهو الأكثر ـ كقوله : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ)(٢) وللزومها الإضافة خطىء من أدخل عليها «ال» ونصبها حالا. وأما قراءة : إنا كلا فيها (٣) فكلا تأكيد لاسم إنّا ، وفيها أبحاث كثيرة تركناها هنا إيثارا للاختصار واستغناء بما أودعناه غيره من الكتب اللائقة بذلك.
قال الراغب (٤) : لفظ كلّ هو لضمّ أجزاء الشيء ، وذلك ضربان : أحدهما الضّامّ لذات الشيء وأحواله المختصّة به ، ويفيد معنى التّمام نحو قوله تعالى : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)(٥) أي بسطا تاما ، وأنشد (٦) : [من مجزوء الكامل]
ليس الفتى كلّ الفتى |
|
إلا الفتى في أدبه |
أي التامّ الفتوّة. والثاني الضّامّ للذّوات ، وقد تضاف تارة إلى جمع معرّف بالألف واللام نحو : كلّ القوم ، قال (٧) : وقد تعرّى عن الإضافة ، وتقدير ذلك فيه نحو : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٨). ولم يرد في شيء من القرآن ولا في شيء من كلام العرب الفصحاء «الكلّ» بالألف واللام ، وإنما ذلك شيء يجري في كلام المتكلمين والفقهاء ومن نحا نحوهم.
__________________
(١) يريد : لم يقل «تركت» ، وهو شاهد عند النحويين على جواز : كلّ رجل قائم ، وقائمون. (أنظر مغني اللبيب : ١٩٨).
(٢) ٨٧ / النمل : ٢٧.
(٣) قوله : «إنّا كلّ فيها» (٤٨ / غافر : ٤٠) رفعت «كل» ب «فيها» ولم تجعله نعتا لإنّا. ولو نصبته على ذلك وجعلت خبر «إنا» فيها (معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٠).
(٤) المفردات : ٤٣٧.
(٥) ٢٩ / الإسراء : ١٧.
(٦) عزاه المؤلف إلى لبيد ولم نجده في ديوانه. وهو من شواهد الراغب في مفرداته من غير عزو : ٤٣٧.
(٧) يعني الراغب.
(٨) ٣٣ / الأنبياء : ٢١.