قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)(١). وقيل : عنى بها ما وعد من الثواب والعقاب. وقيل : عنى بالكلمات الآيات والمعجزات ، نبّه بذلك على أنّ ما أرسل من الآيات تامّ وفيه بلاغ.
وقوله : (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ)(٢) ردّ لقوله : (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ)(٣). وقيل : أراد بكلمة ربّك أحكامه التي حكم بها وبيّن أنه شرّع لعباده ما فيه بلاغ.
قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى)(٤) يعني وعدهم الساعة ، قال تعالى : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ)(٥). وقيل : إشارة إلى حكمه الذي اقتضته حكمته وأنّه لا تبديل لكلماته.
قوله : (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ)(٦) أي. بحججه التي جعلها الله لكم سلطانا مبينا أي قوته.
قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ)(٧) إشارة إلى ما قال : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا)(٨) ، وذلك أنه تعالى لمّا قال : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا) قال هؤلاء المنافقون : (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ)(٩). وقصدهم بذلك تبديل كلام الله ، فنبّه أنّ هؤلاء لا يفعلون ، وكيف يفعلون وقد علم الله منهم أنّهم لا يفعلون ذلك ، وقد سبق بذلك حكمه. وقرىء : «كلام الله» و «كلم الله» (١٠) ومعناهما متقارب.
قوله : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ)(١١) قيل : إنّهم كانوا يبدّلون الألفاظ ويغيرونها ،
__________________
(١) ٨٩ / الأنعام : ٦.
(٢) ١١٥ / الأنعام : ٦.
(٣) ١٥ / يونس : ١٠.
(٤) ١٢٩ / طه : ٢٠.
(٥) ٤٦ / القمر : ٥٤.
(٦) ٢٤ / الشورى : ٤٢.
(٧) ١٥ / الفتح : ٤٨.
(٨) ٨٣ / التوبة : ٩.
(٩) تابع آية الفتح.
(١٠) قرأها يحيى «كلم» وحده والقراء بعد بالألف (معاني القرآن للفراء : ٣ / ٦٦). واختلف القراء في مد «كلام الله» ؛ فحمزة والكسائي وخلف بكسر اللام بلا ألف جمع كلمة اسم جنس ، والباقون بفتح اللام وألف بعدها على جعله اسما للجملة (الحاشية : ٥ من معاني القرآن).
(١١) ٤٦ / النساء : ٤ ، وغيرها.