تعالى في صغره حيث قال في مهده : (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ)(١). وقيل : سمي كلمة من حيث إنه صار نبيّا كما سمي النبيّ صلىاللهعليهوسلم «ذكرا رسولا» (٢).
قوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ)(٣). وقيل : الكلمة هنا القضيّة ؛ قال الراغب (٤) : وكلّ قضية تسمّى كلمة سواء كان مقالا أو فعالا ، ووصفها بالصّدق لأنه يقال : قول صدق وفعل صدق.
قوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى) إشارة إلى نحو قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(٥). ونبّه بذلك على أنّه لا نسخ للشريعة بعد هذا. وقيل : إشارة إلى ما قال صلىاللهعليهوسلم : «أول ما خلق الله القلم فقال له : أجر بما هو كائن إلى يوم القيامة» (٦). وقيل : الكلمة هي القرآن ، وتسميته كلمة كتسمية القصيدة كلمة. قلت : ومن ذلك تسميتهم قصيدة الحويدرية كلمة ، فيقولون : قصيدة الحويدرة (٧) ، وتسميتهم القصيدة قافية كقوله (٨) : [من الوافر]
وكم علّمته نظم القوافي |
|
فلّما قال قافية هجاني |
وقول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : [من الطويل]
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم لا محالة زائل (٩) |
فقوله : (تَمَّتْ) تنبيه على حفظها ، يعني أنّ الله تعالى حافظ القرآن ، قال الراغب (١٠) : فذكر أنها تتمّ وتتلى بحفظ الله إيّاها ، فعبّر عن ذلك بلفظ الماضي تنبيها على أن ذلك في حكم الكائن. وإلى هذا المعنى من حفظ القرآن أشار بقوله : (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها
__________________
(١) ٣٠ / مريم : ١٩.
(٢) من الآيتين : ١٠ و ١١ / الطلاق : ٦٥.
(٣) ١١٥ / الأنعام : ٦.
(٤) المفردات : ٤٤٠.
(٥) ٣ / المائدة : ٥.
(٦) الدارمي ، سنّة : ١٦ ، وفيه : «إن أول ..».
(٧) حويدرة : اسم شاعر.
(٨) من قصيدة مشهورة تعزى إلى معن بن أوس أو إلى عقيل بن علّفة في ابنه عميس.
(٩) الديوان : ٢٥٦ ، وهو عند الخالديين أول القصيدة. واشتهر البيت لقول النبي صلىاللهعليهوسلم فيه هذا.
(١٠) المفردات : ٤٤٠ ، وفيه : «تتم وتبقى ..».