ع د ل :
قوله تعالى : (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً)(١) أي مثله ومساويه. قيل : العدل والعدل يتقاربان. ولكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام وكالآية المتقدمة. والعدل هو التّقسيط على سواء. وعلى هذا روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «بالعدل قامت السماوات والأرض» تنبيها أنه [لو](٢) كان ركن من الأركان الأربعة في العالم زائدا على الآخر أو ناقصا عنه على مقتضى الحكمة الربّانية ، لم يكن العالم منتظما ولتطابقت السماوات والأرض. وقال البصريون : العدل والعدل لغتان بمعنى المثل. وقال أبو بكر : العدل : ما عادل الشيء من جنسه ، وبالفتح ما عادله من غير جنسه ، يقال : عندي من الدراهم عدل دراهمك ومن الثياب عدل دراهمك بالفتح.
ثم العدل ضربان : مطلق يقتضي العقل حسنه ، ولا يكون في شيء من الأوقات منسوخا ، ولا يوصف بالاعتداء بوجه ، نحو الإحسان إلى من أحسن إليك ، وكفّ الأذى عمّن كفّ أذاه عنك. والثاني مقيد بالشرع ويتطرّق إليه النسخ في بعض الأزمنة كأروش الجنايات (٣) والقصاص وأخذ مال المرتدّ. ومن ثمّ قال تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)(٤)(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٥) فسمّي بذلك سيئة واعتداء. وهذا النحو هو المعنيّ بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ)(٦) ؛ فالعدل هنا : المساواة في المكافأة إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ. والإحسان أن يقابل بالخير مثله وزيادة ، والشرّ بأقلّ منه (٧). والعدل : العدالة أيضا ، وهي في الرجل لفظ يقتضي معنى المساواة وكذلك المعدلة. وقوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)(٨) أي عدالة ، ويوصف به الواحد
__________________
(١) ٩٥ / المائدة : ٥.
(٢) إضافة يقتضيها السياق.
(٣) الأرش وجمعها الأروش : الدية.
(٤) ١٩٤ / البقرة : ٢.
(٥) ٤٠ / الشورى : ٤٢.
(٦) ٩٠ / النحل : ١٦.
(٧) في الأصل : ما قلّ. ولعل الصواب ما ذكرنا.
(٨) ٢ / الطلاق : ٦٥.