قوله : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا)(١) أي ما قضاه وقدّره وأبرمه. وفي قوله لنا دون علينا معنى لطيف ذكره العلماء ، وهو أن فيه تنبيها أنّ ما يصيبنا نعدّه نعمة لنا (٢) ولا نعدّه نقمة علينا.
قوله : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ)(٣) قيل : معناه وهبها لكم ثم حرّمها عليكم بامتناعكم من قبولها ودخولها. وقال آخرون : كتبها لكم بشرط أن تدخلوها وأتى باللام دون «على» لما تقدّم ، يعني أن دخولهم إيّاها يعود عليهم بنفع في الآجل والعاجل فيكون ذلك لهم لا عليهم ، وذلك كقولك لمن يرى تأذّيا بشيء لا يعرف نفع مآله : هذا لك لا عليك.
قوله : (لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ)(٤) أي في حكمه وعلمه وإيجابه ، وقيل : معناه أنزل الله في كتابه أنكم لا بثون إلى يوم القيامة.
قوله : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ)(٥) أي في حكمه وشرعه. قوله : (وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ)(٦) أي ولا حجة ظاهرة ، فإنّ الكتاب يعبّر به عن الحجة الثابتة.
قوله : (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ)(٧) إشارة إلى العلم والتحقّق والاعتقاد ، وقال القتيبيّ : المعنى يحكمون ؛ يقولون : نفعل بك كذا وكذا ونطردك ونقتلك ، وتكون العاقبة لنا عليك. قلت : وقد عكس الله عليهم آمالهم كلّها فطردوا وقتلوا. وكان له العاقبة عليهم ، (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(٨).
__________________
(١) ٥١ / التوبة : ٩.
(٢) وفي الأصل : علينا ، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٣) ٢١ / المائدة : ٥.
(٤) ٥٦ / الروم : ٣٠.
(٥) ٣٦ / التوبة : ٩.
(٦) ٢٠ / لقمان : ٣١.
(٧) ٤١ / الطور : ٥٢ ، وغيرها.
(٨) ٨٣ / القصص : ٢٨.