تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا)(١) قيل : لأنّ معنى «أغفلنا» من قولهم : أغفلت الكتاب : إذا جعلته خاليا من الكتابة والإعجام.
وقد يعبّر بالكتابة عن القضاء الممضى وما يصير في حكمه ، وعليه حمل قوله تعالى : (بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(٢) قيل : ذلك مثل قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ)(٣). قوله : (فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ)(٤) أي مثبتون غير مضيّعين لعمله ، كقوله : (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ)(٥) وقوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)(٦). قوله : (رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ)(٧) أي أثبتنا معهم وأدخلنا في زمرتهم ، وكأنه إشارة إلى قوله في موضع آخر : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ)(٨). قوله : (وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)(٩) إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال بني آدم ، وهي صحيفة كلّ إنسان ، وما كتب له من خير أو شرّ ، جليل أو حقير ، وقيل : الإشارة إلى صغائر الذنوب وكبائرها.
قوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها)(١٠) هذا مراد به اللوح المحفوظ. قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ)(١١) يعني ما قدّره من الحكم ، وذلك إشارة إلى قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)(١٢).
__________________
(١) ٢٨ / الكهف : ١٨.
(٢) ٨٠ / الزخرف : ٤٣.
(٣) ٣٩ / الرعد : ١٣.
(٤) ٩٤ / الأنبياء : ٢١.
(٥) ١٩٥ / آل عمران : ٣.
(٦) ٣٠ / الكهف : ١٨.
(٧) ٨٣ / المائدة : ٥.
(٨) ٦٩ / النساء : ٤.
(٩) ٤٩ / الكهف : ١٨.
(١٠) ٢٢ / الحديد : ٥٧.
(١١) ٦٨ / الأنفال : ٨.
(١٢) ٥٤ / الأنعام : ٦.