ومنه : كتيبة الجيش ، لاجتماع الفرسان ، وأنشد : [من الكامل]
وكتيبة آنستها بكتيبة |
|
حتى إذا اجتمعت نقصت لها يدي |
ومنه : كتبت البغلة والقلوص أي جمعت بين شفريها بحلقة ونحوها ، وأنشد (١) [من البسيط]
لا تأمننّ فزاريّا خلوت به |
|
على قلوصك واكتبها بأسيار |
وسميت الكتابة كتابة لضمّ الحروف فيها بعضها إلى بعض ، والأصل في الكتابة النظم بالخطّ ، وفي المقال النظم باللفظ. ثم قد يستعمل كلّ منهما للآخر ، قال الراغب (٢) : ولذلك سمي كلام الله وإن لم يكن كتابا لقوله : (الم ذلِكَ الْكِتابُ). قلت : نصب كتابا على أنه مفعول اسميّ لا أنّه خبر ليكن. ويعني بذلك أنّ القرآن كلام الله مسمّى بالكتاب قبل أن يكتب بالخطّ. وأقرب من ذلك أن يقال : سمي كتابا لما يؤول إليه من الكتابة في علم الله تعالى. ثم قد يعبّر بالكتابة عن الإيجاب والإثبات والتقدير (٣) والفرض. قال بعضهم : وجه ذلك أنّ الشيء يراد ثم يقال ثم يكتب ؛ فالإرادة مبدأ والكتابة منتهى. ثم يعبّر عن المراد الذي هو المبدأ إذا أريد به توكيده بالكتابة التي هي المنتهى ، كقوله : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي)(٤) أي حكم وقضى بذلك وأثبته في اللوح المحفوظ.
قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)(٥) اي في حكمه.
قوله : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)(٦) أي فرضنا وأوجبنا. قوله : (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ)(٧) أي لو لا أن أوجب عليهم الجلاء من ديارهم. قوله : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ)(٨) إشارة إلى أنّه بخلاف صفة من قال في حقّهم : (وَلا
__________________
(١) اللسان ـ مادة كتب ، وينسب إلى بني فزارة أنهم كانوا يرمون بغشيان الإبل.
(٢) المفردات : ٤٢٣.
(٣) الكلمة مذكورة فقط في د.
(٤) ٢١ / المجادلة : ٥٨.
(٥) ٧٥ / الأنفال : ٨.
(٦) ٤٥ / المائدة : ٥.
(٧) ٣ / الحشر : ٥٩.
(٨) ٢٢ / المجادلة : ٥٨.