وفلان يكابد معيشته ، أي يقاسي منها ضيقة وشدة ، قال الشاعر (١) :
وفي الحديث : (كبدهم البر) (٢) أي شقّ عليهم.
ك ب ر :
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ)(٣) أي صعب وشقّ. قوله : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ)(٤) أي شاقّة. ثم إنّ الكبر والصغر اسمان متضايفان باعتبار بعضها ببعض ، فربّ شيء يكون كبيرا بالنسبة لما دونه ، صغيرا بالنسبة لما فوقه ، ويستعملان في الكمية المتصلة كما في الأجسام نحو : الجمل أكبر من الفرس ، كالقلّة والكثرة في استعمالهما في الكمية المنفصلة كالأعداد. وقد يتعاقب الكبير والكثير على شيء واحد وذلك بنظرين مختلفين كما في قوله تعالى : (إِثْمٌ كَبِيرٌ)(٥) قرىء «كبير» و «كثير» بالياء الموحّدة والثاء المثلّثة (٦). وقد حرّرناه بأكثر من هذا في موضع هو أليق به. والأصل استعماله في الأعيان ثم يستعار للمعاني كقوله تعالى : (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً)(٧).
قوله تعالى : (إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)(٨) وصفه بالكبر تنبيها على أنّ العمرة حجّ أصغر ، ولذلك قال عليه الصلاة والسّلام : «العمرة هي الحجّ الأصغر» (٩) ، ويستعمل ذلك اعتبارا بتقدّم الزمان. ومنه : فلان كبير أي مسنّ ، قال الله تعالى : (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ)(١٠). قال الشاعر (١١) : [من المتقارب]
__________________
(١) لم يذكره المؤلف.
(٢) النهاية : ٤ / ١٣٩ ، من حديث بلال.
(٣) ٣٥ / الأنعام : ٦.
(٤) ٤٥ / البقرة : ٢.
(٥) ٢١٩ / البقرة : ٢.
(٦) المفردات : ٤٢٠.
(٧) ٤٩ / الكهف : ١٨.
(٨) ٣ / التوبة : ٩.
(٩) لم يذكره إلا الراغب (المفردات : ٤٢١) حسب مظانّنا.
(١٠) ٤٠ / آل عمران : ٣.
(١١) البيت للصلتان العبدي من شعراء حماسة أبي تمام (التبريزي : ٣ / ١٩١) ، وانظر معاهد التنصيص : ١ / ٧٣. ونسبه الجاحظ إلى الصلتان السعدي.