ق ر د :
قوله تعالى : (كُونُوا قِرَدَةً)(١) القردة جمع قرد ، وهو هذا الحيوان المعروف ، قيل : جعلوا مثل صور القردة حقيقة ، وقيل : بل في أخلاقها وفسادها ، وذلك أنّ القرد أخبث حيوان وأفسده.
قوله : (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ)(٢) أي في صورها ، قيل مسخ الشبان قردة والشيوخ خنازير. والخنزير أقذر شيء في الحيوان وأخبثها منظرا ، ويجمع على قرود وهو القياس ، نحو حمل وحمول ، وعلى قردة وليس بقياس بل سمع ذلك فيه وفي حسل وحسلة. والمادة تدلّ على اللزوم واللصوق. ومنه اشتقّ القراد ؛ يقال إنه يلزم الأرض عشرين سنة ، وهو جمع قردان ، كذا قال الراغب (٣) ، والظاهر العكس ، أعني أن تكون قردان جمع قراد ، نحو غلمان جمع غلام ، وغربان جمع غراب.
والصوف القرد : المتداخل بعضه في بعض ، ومنه سحاب قرد : أي متلبد متكاثف. وأقرد بمكان كذا : أي لصق بالأرض لصوق القراد. وقرد : سكن سكونه ، وفي المثل : «أسمع من قراد» (٤) ؛ يقال : إنه يسمع مواسم الإبل من مسيرة أيام. وقرّدت البعير : أزلت قراده ، نحو قذّيته ومرّضته. ويستعار ذلك للمداراة المتوصّل بها إلى خديعة ، فيقال : فلان يقرّد فلانا.
وتسمّى (٥) حلمة الثّدي قرادا كما تسمّى حلمة على التّشبيه في الهيئة. وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت : «كان لنا وحش فإذا خرج صلىاللهعليهوسلم أسعرنا قفزا ـ أي وثبا ـ فإذا حضر مجيئه أقرد» (٦) ، أي ذلّ وسكن. أسعرنا : آذانا. وقال صلىاللهعليهوسلم : «إياكم والإقراد ، قالوا : يا
__________________
(١) ٦٥ / البقرة : ٢.
(٢) ٦٠ / المائدة : ٥.
(٣) المفردات : ٤٠٠.
(٤) مجمع الأمثال : ١ / ٣٤٩.
(٥) وفي الأصل : وسمي .. سمي.
(٦) النهاية : ٤ / ٣٦.