تهديد ، وذلك أنه لمّا همّ بذلك رأى فحلا عظيما. والمعنى : إن اقتربت هلكت وأخذت ، واستأنسوا له بقوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى)(١).
قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(٢) كناية عن الغشيان والوطء ، وهو في المبالغة كقوله : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ)(٣). والقراب ـ بالضم ـ (٤) المقاربة ، وأنشد : [من الطويل]
فإنّ قراب البطن يكفيك ملؤه
والقراب ـ بالكسر ـ قراب السيف ، وقيل : هو الغمد نفسه ، وقيل : بل جلد فوق الغمد ، وقيل : هو جراب أو يشبه الجراب يطرح الراكب فيها زاده ، ومنه الحديث : «إنّ لكلّ عشرة من السّرايا قرابا» (٥). وروي في قوله عليهالسلام حكاية عن ربّه عزوجل : «إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة» (٦) أي ما يقارب ملأها ـ بكسر القاف ـ وإلّا شبّه الضمّ على ما مرّ. وقراب السيف يجمع على قرب نحو حمار وحمر.
والأقراب : الخواصر ، ومنه فرس لا حق الأقراب ، وأنشد لرؤبة (٧) : [من الرجز]
لواحق الأقراب فيها كالمقق
والتّقريب : ضرب من السّير سمي بذلك لقربه من العدو. وأقربت السيف وقرّبته : جعلته في قراب. وأقربوا إبلهم : أدنوها من الماء. والمقرب : الحامل دنت ولادتها. وفلان قارب : قرب من الماء. وفي حديث المولد : «فخرج عبد الله متقرّبا متخصّرا» (٨) أي واضعا
__________________
(١) ٩ و ١٠ / العلق : ٩٦.
(٢) ٢٢٢ / البقرة : ٢.
(٣) ١٥٢ / الأنعام : ٦.
(٤) رأى ابن منظور كسرها فقال : «والمقاربة والقراب» : المشاغرة للنكاح ، ومثله الراغب : ٣٩٩ ، وعليه استشهد بالشعر ص ٤٠٠.
(٥) النهاية : ٤ / ٣٤ ، من كتابه لوائل بن حجر ، وفيه خلاف. ورواية الخطّابي بالفاء «قراف» وهي أوعية من جلود يحمل فيها الزاد للسفر ، وتجمع على قروف أيضا.
(٦) النهاية : ٤ / ٣٤ ، والضم منه.
(٧) من أرجوزة لرؤبة مذكورة في شرح الشواهد : ٢ / ٧٦٤ ، وديوانه : ٣ / ١٠٤ (في مجموع أشعار العرب).
(٨) النهاية : ٤ / ٣٤.