الدَّاعِ)(١) ، والقدرة نحو قوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)(٢) وكذا قوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ)(٣). ولذلك قال بعده : (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) لأنّه عنى تعالى بقربه قرب حفظته وملائكته التي وكلهم بتوفّي أرواح بني آدم.
قوله تعالى : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً)(٤). القربان في الأصل ما يتقرّب به إلى الباري تعالى ، ثم غلب في العرف على النّسيكة التي هي الذّبيحة ، وجمعها قرابين ، ومنه قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً)(٥). ولنا في هذه الآية كلام حسن أتقنّاه في «الدرّ المصون».
قوله : (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ)(٦). القربة هنا الحظوة عند الله والمنزلة الرفيعة.
قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ)(٧) هذا أبلغ من النّهي عن أكله وتناوله ، لأنه إذا نهى أن يقرب منه ، فالنهي عن تناوله من باب أولى وأحرى ، وهو في المعنى كقوله : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها)(٨) إلا أنّ هذا في حيّز نفي المقاربة.
قوله : (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ)(٩) أي قرابة. يقال : فلان ذو قرابتي وذو مقربتي وقلّما يقال : فلان قرابتي.
قوله : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)(١٠) الخطاب في الفعلين ظاهره للرسول صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : الخطاب في «اسجد» له عليه الصلاة والسّلام وفي «اقترب» لأبي جهل لعنه الله ، وذلك أنّ أبا جهل لعن بوعده عليه الصلاة والسّلام بأنه إذا سجد وطىء عنقه الكريم ، فأمر بذلك أمر
__________________
(١) ١٨٦ / البقرة : ٢.
(٢) ١٦ / ق : ٥٠.
(٣) ٨٥ / الواقعة : ٥٦.
(٤) ٢٧ / المائدة : ٥.
(٥) ٢٨ / الأحقاف : ٤٦.
(٦) ٩٩ / التوبة : ٩.
(٧) ١٥٢ / الأنعام : ٦ ، وغيرها.
(٨) ٤٠ / النور : ٢٤.
(٩) ١٥ / البلد : ٩٠.
(١٠) ١٩ / العلق : ٩٦.