عنهما. فجعل القبور كناية عن ذلك ، وذلك بحسب ما روي : «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» (١). وإلى هذا المعنى أشار تعالى بقوله : (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)(٢) أي الذين هم في حكم الأموات. وفي حديث ابن عباس «أنّ الدجال ولد مقبورا» (٣) قال ثعلب : المعنى أنها وضعته وعليه جلدة مصمتة ليس فيها نقب. فقالت قابلته : هذه سلعة وليست ولدا. فقالت أمّه : بل فيها ولد ، فشقّوها ، فاستهلّ صارخا.
ق ب س :
قوله تعالى : (بِشِهابٍ قَبَسٍ)(٤) القبس : ما اقتبس من النار ، وهو أن يأخذ نارا في طرف عود أو خشبة أو نحوهما. يقال : اقتبس نارا يقتبسها اقتباسا. وتلك النار هي القبس وهي الجذوة أيضا. ويقال : قبسته نارا وأقبسته علما (٥) ففرّقوا بفعل وأفعل بين هذين المفعولين ؛ هذا نقل الهرويّ. ونقل الراغب أنه يقال أقبسته نارا وعلما أي أعطيته ، فسوّى بينهما.
والاقتباس : طلب ذلك ، وقد يستعار لطلب العلم والهداية ، قال تعالى : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)(٦). والقبيس : فحل سريع الإلقاح ، تشبيها بالنار لسرعته. وقرىء قوله تعالى : (بِشِهابٍ قَبَسٍ)(٧) بالتنوين والإضافة ؛ فعلى الأولى يكون القبس بدلا ، وعلى الثانية يكون إضافة بيان ، أو الشهاب قبس ، وغيره.
__________________
(١) المفردات : ٣٩٠. وهو من كلام الإمام علي ، وعزاه الشعراني في طبقاته لسهل التّستري (كشف الخفاء (٢ / ٣١٢) ، بينما أكده الترمذي للإمام.
(٢) ٢٢ / فاطر : ٣٥.
(٣) النهاية : ٤ / ٤ ، وكلام ثعلب مذكور فيه.
(٤) ٧ / النمل : ٢٧.
(٥) يريد : أعطيته.
(٦) ١٣ / الحديد : ٥٧.
(٧) نوّن عاصم وحمزة والكسائي والأعمش .. في الشهاب والقبس ، وأضافه أهل المدينة ، وهو بمنزلة قوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) (معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨٦).