ق ب ض :
قوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ)(١). هذا عبارة عن كونه تعالى مالك الملك في وقت ليس لأحد فيه ملك ، وأنّ الأرض في حوزته وتحت قهره وسلطانه. كما يقال : قبضت الدار وأرض البلد الفلانية ، يعني أنني حزتها وملكتها وهي تحت سلطتي ولا قبض حقيقيا ، ثم من كونه متناولا بجميع اليد ، وذلك أنّ أصل القبض التناول بجميع الكفّ ، وبالصاد المهملة : بأطراف الأصابع ، وقد قرىء «قبضة» بالمعجمة والمهملة ؛ فالقبض وبالصاد المهملة : بأطراف الأصابع ، وقد قرىء «قبضة» بالمعجمة والمهملة ؛ فالقبض والقبص هنا حقيقة لأنه تناول الجزء من الأرض إمّا بكفّه جميعه وإما ببعضه (٢).
واستعير القبض لمنع المال والعطاء كقوله تعالى : (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ)(٣) أي يمنعون من الإنفاق. وقد يستعار القبض لتحصيل الشيء وإن لم يكن تناول ، نحو : (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً)(٤) أي نسخنا الشمس بالظلّ وجعلناه مكانها.
ويستعار ـ أيضا ـ للعدو تشبيها للعادي بالمتناول شيئا من الأرض.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ)(٥) أي يعطي هذا ويمنع هذا (٦) ، ويعطي تارة ويسلب أخرى ، أو يجمع مرة ويفرّق أخرى. ويكنّى بالموت عن القبض ، نحو : قبضه الله. ومن هذا النحو قوله عليه الصلاة والسّلام : «ما من آدميّ إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن» (٧) أي الله قادر على التصرّف في أشرف جزء منه ، فكيف بباقي بدنه؟
والانقباض ضدّ الانبساط ، ويعبّر به عن حصول غمّ يقبض على قلب الإنسان استعارة ومجازا. ويعبّر بالقبص المهملة عن القلّة. والقبيص هو الشيء المقبوص. والقبوص :
__________________
(١) ٦٧ / الزمر : ٣٩.
(٢) جعل الراغب مادة (ق ب ص) بناء على هذه القراءة ، ولم يذكرها الفراء ولا ابن خالوية.
(٣) ٦٧ / التوبة : ٩.
(٤) ٤٦ / الفرقان : ٢٥.
(٥) ٢٤٥ / البقرة : ٢.
(٦) ساقطة من ح وس.
(٧) النهاية : ٣ / ٩ ، وفيه : «ليس آدمي ..».