وأصل العبر تجاوز من حال إلى حال. قيل : والعبور مختصّ بتجاوز الماء إما بسباحة أو بسفينة أو بعير أو قنطرة. ومنه عبر النهر لجانبه بحيث يعبر إليه أو منه. واشتقّ منه : عبر العين للدمع. والعبرة كالدمعة. وفلان [عابر سبيل ، قال تعالى](١)(إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ)(٢) أي جائزي طريق في المسجد. ومنه : ناقة عبر الهواجر ، أي تعبرها لجلادتها وصبرها بمعنى عائدة. ومن ثمّ قال النحاة : إنّ الإضافة غير مختصّة. وعبر القوم : ماتوا ؛ نظرا إلى أنهم جاوزوا هذه الدنيا وقنطرتها والعبارة مختصّة بالكلام لأنه عابر في الهواء من لسان المتكلم إلى سمع السّامع.
والعبرة : الدّلالة بالشيء على مثله وحقيقتها الحالة التي يتوصّل بها (٣) من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد. ولهذا خصّت بالخواصّ ، نحو : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ)(٤) ، (لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى)(٥). والتعبير مختصّ بتفسير الأحلام والرّؤيا / لأنّ فيه عبورا من ظاهر الرؤيا (٦) إلى باطنها. وقيل : لأنه يجرّ بما يؤول إليه أمرها ؛ مأخوذ من : عبر النهر. إلا أنه لم يسمع في المصدر إلا التعبير ولم يسمع في الفعل غالبا إلا التخفيف. يقال : عبرت الرؤيا أعبرها تعبيرا ، فأنا عابر. فجاء المصدر على غير القياس ، وهو غير الغالب لأنّ الغالب أن تحذف زوائد المصدر لا الفعل نحو : أعطى عطاء ، وأنبت نباتا ، واغتسل غسلا ، وتوضّأ وضوءا. على أنه ورد مشدّدا موافقا لمصدره ؛ قال الشاعر : [من السريع]
رأيت رؤيا ثم عبّرتها |
|
وكنت للأحلام عبّارا |
لو لا أنّ (٧) التخفيف لغة التنزيل ، قال تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٨). وهذه
__________________
(١) ساقط من الأصل ، والإضافة من المفردات ، ليتضح المعنى.
(٢) ٤٣ / النساء : ٤.
(٣) الجار والمجرور ساقطان من ح.
(٤) ١٣ / آل عمران : ٣ ، وغيرها. والآية ساقطة من س.
(٥) ٢٦ / النازعات : ٧٩.
(٦) في الأصل : الرؤية.
(٧) ساقطة من ح.
(٨) ٤٣ / يوسف : ١٢.