ومنه قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ)(١) عاقبهم الله بما أقرّوه فلا يرى أبخل منهم في عالم الله ، كما لا يرى أكرم من العرب في عالم الله. وقيل : إنهم سمعوا أنّ الله قد قضى كلّ شيء قالوا إذا يد الله مغلولة ، أي في حكم المقيد لكونه فارغا.
وقوله : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً)(٢) قيل : هي الدّنيا. وقيل ذلك كناية عن منعهم فعل الخير كقوله : (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ)(٣)(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ)(٤) ونحو ذلك من الآي. وقيل : بل معناه : نفعل ذلك بهم في الآخرة ، وأتى به ماضيا لتحقّق وقوعه لقوله : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٥)(أَتى أَمْرُ اللهِ)(٦)(وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ)(٧). والغلالة : ما بين الثوبين ، والشّعار : لما يلبس تحت الثوب ، والدّثار : ما يلبس فوقه. قوله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ)(٨). الغلّ والغلول : تدرّع الخيانة والعداوة وهو الحقد.
غ ل م :
قوله تعالى : (غُلاماً زَكِيًّا)(٩) الغلام : من طرّ شاربه وبقل عذاره ، وقد تقدّم في مادة الضاد. رتب الإنسان من حين يولد إلى أن يهرم. يقال : غلام بيّن الغلومة والغلومية ، والجمع غلمان وغلمة. وقيل : هو اسم جمع نحو صبية وفتية. واحتلم الغلام : بلغ حدّ الغلومة. ولما كان من بلغ هذا الحدّ يغلب عليه الشّبق ، قيل : للشبق نفسه غلمة ، ومنه اغتلم الفحل. وأصل ذلك من الاغتلام الذي هو الشدّة والحدّة وتجاوز الحدّ. ومنه الحديث : «تجهّزوا لقتال المارقين المغتلمين» (١٠) قال الكسائي : الاغتلام : أن يتجاوز
__________________
(١) ١٦ / محمد : ٤٧ ، وغيره.
(٢) ٨ / يس : ٣٦.
(٣) ١٠٨ / النحل : ١٦.
(٤) ٧ / البقرة : ٢.
(٥) ٢ / الحجر : ١٥.
(٦) ١ / النحل : ١٦.
(٧) ٤٤ / الأعراف : ٧.
(٨) ٤٣ / الأعراف : ٧ ، وغيرها.
(٩) ١٩ / مريم : ١٩.
(١٠) النهاية : ٣ / ٣٨٢.