الإنسان حدّ ما أمر به من الخير والمباح. قال : ومنه قول عمر رضي الله عنه : «إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة فاكسروها بالماء» (١). وقال أبو العباس : إذا جاوزت حدّها الذي يسكر. ومن كلام عليّ رضي الله عنه : «تجهّزوا لقتال المارقين المغتلمين» (٢) أي الذين تجاوزوا حدّ ما أمروا.
غ ل و :
قوله تعالى : (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ)(٣) قيل : معناه لا تجاوزوا فيه القدر الذي حدّ لكم. وأصل الغلوّ المجاوزة للشيء والزيادة. وقيل معناه [لا](٤) تشدّدوا على الناس فتنفّروهم. وقيل : غلا السّعر ، وغلا في الأمر وغلا السهم يغلو باتفاق الفعل في كلّ ذلك. وأوقعوا الفرق بين المعاني في المصادر ؛ فقالوا : في السعر غلاء ، وفي الأمر. غلواّ ، وفي السهم غلوا. والغلواء : تجاوز الحدّ في الجماع ، وبه شبّه غلواء الشباب.
غ ل ي :
قوله تعالى : (كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ)(٥) أي يفور ويطفح من شدّة الإيقاد. يقال : غلت القدر تغلي غليانا : فارت وطفحت بما فيها. فاستعير ذلك لما يجدونه من العذاب بالحميم الذي في أجوافهم. ومنه استعير غليان الغضب نحو تحرّق عليه وتميّز من الغيظ. وقرىء / «يغلي» بالياء من تحت على المهل ، وبالتاء من فوق عودا على الشجرة (٦).
__________________
(١) النهاية : ٣ / ٣٨٢.
(٢) النهاية : ٣ / ٣٨٢.
(٣) ١٧١ / النساء : ٤.
(٤) إضافة يقتضيها السياق.
(٥) ٤٥ / الدخان : ٤٤.
(٦) الفراء : قرأها كثير من أصحاب عبد الله «تغلي» ، وقد ذكرت عن عبد الله وقرأها أهل المدينة كذلك. وقرأها الحسن «يغلي» جعلها للطعام أو للمهل ، ومن أنثّها ذهب إلى تأنيث الشجرة (معاني القرآن : ٣ / ٤٣). وجاء في الإتحاف (٣٨٨) : واختلف في «تغلي» ؛ فابن كثير وحفص ورويس بالياء على التذكير وفاعله يعود على الطعام ، والباقون بالتأنيث والضمير للشجرة.