وقرىء شاذا : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ)(١) بالفتح في الفاء والعين. والعلمة : شقّ الشّفة العليا لكونها أظهر علامة. وفي الشفة السّفلى يقال شرم. ورجل أعلم ورجل أشرم. وكان صاحب الفيل أشرم. وأنشد (٢) : [من الرجز]
والأشرم المغلوب ليس الغالب (٣)
وكلّ جمل أعلم ، ويتجوّز بذلك عن الرجل المشهور فيقال : فلان علم في كذا كقولهم : جبل. ومعالم الطريق والدين ، واحدها معلم. والعلّام : الحنّاء. قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) العالمون ليس جمع عالم بدليل أنّ عالما يطلق على كلّ موجود سوى الله تعالى ، وعالمون لا يطلق إلا على العقلاء ؛ فاستحال أن يكون المفرد أعمّ والجمع أخصّ ، وهذا نظير ما منع سيبويه من جعله أعرابا جمع عرب ، لأنّ عربا يعمّ البدويّ والقرويّ ، والأعراب مخصوص بالبدويين. وقيل : العالم لا يطلق إلا على أولي العلم ومنه اشتقّ. وكأنّ هذا الخلاف مبنيّ على الخلاف في اشتقاقه ممّاذا؟ (٤) فإن قيل إنه مشتقّ من العلامة بمعنى أنّ كلّ موجود دال (على صانعه وموجده ، فلا شكّ أن هذا المعنى موجود) (٥) سوى الله تعالى ، فتطلق على العاقل وغيره من حيوان وجماد. وإن قيل : إنّه مشتقّ من العلم فلا يطلق إلا على ذوي العلم ، قيل : وحينئذ يصحّ جعله جمعا لعالم ، إلا أنّ الأول هو المشهور. ولذلك يروى عن ابن عباس : «إن لله تعالى ألف اسم (٦) ؛ ستّ مئة في البحر وأربع مئة في البرّ». وقال الراغب (٧) : «والعالم : اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض». وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم.
__________________
(١) ٦١ / الزخرف : ٤٣. وهي قراءة أبي هريرة وابن عباس وقتادة والضحاك وجماعة (مختصر الشواذ : ١٣٥).
(٢) الشعر لنفيل بن حبيب الحميري ، وصدره كما في شرح شواهد المفتي (٢ / ٧٠٥) :
أين المفرّ والإله الطالب؟
والأشرم هو أبرهة ، يعني المشقوق الشفة السفلى.
(٣) وفي الأصل : ليس غالبا ، والتصويب من السيوطي.
(٤) يريد : من ما ذا؟
(٥) ساقط من ح ، ومذكور في س وم.
(٦) وفي م : علم.
(٧) المفردات : ٣٤٤.