الْكِتابِ)(١). وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ)(٢) تنبيه منه تبارك وتعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها.
قوله : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)(٣) إشارة إلى الإنسان الذي فوقه آخر. ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيها على أنه بالإضافة إلى الأول عليم لما ذكر معه ، وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك. قيل : ويجوز أن يكون (عَلِيمٌ) عبارة عن الله تعالى وإن كان لفظه منكّرا إذ كان الموصوف بالعليم هو الله تبارك وتعالى فيكون قوله : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كلّ واحد بانفراده. وعلى الأول يكون إشارة إلى كلّ واحد بانفراده. قوله تعالى : (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) إشارة إلى أنه لا تخفى عليه خافية. قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)(٤) إشارة إلى أنّ الله تعالى يخصّ به أولياءه. والعالم في وصفه تعالى هو الذي لا يخفى عليه شيء لقوله : (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ)(٥) وذلك لا يصحّ إلا في وصف الله تعالى.
قوله تعالى : (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)(٦) أي الجبال. ويقال لكلّ أثر يعلم به الشيء علم. ومنه الحديث : «تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النّقيّ ليس فيها معلم لأحد» (٧). ومعالم الحرم وأعلامه : حدوده ، ومنه : العلم للراية ، شبّه السفن في البحر بالجبال الظاهرة لكلّ أحد ، والواحد علم. وأنشد (٨) :
ربّما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات |
__________________
(١) ٤٠ / النمل : ٢٧.
(٢) ١١ / المجادلة : ٥٨.
(٣) ٧٦ / يوسف : ١٢.
(٤) ٢٦ و ٢٧ / الجن : ٧٢.
(٥) ١٨ / الحاقة : ٦٩.
(٦) ٣٢ / الشورى : ٤٢ ، وغيرها.
(٧) النهاية : ٣ / ٢٩٢. المعلم : ما جعل علامة.
(٨) البيت لجذيمة الأبرش (اللسان ـ مادة شمل).