تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) إلى قوله : (لا عِلْمَ لَنا)(١). قال بعضهم : إشارة إلى أنّ علمهم قد تضاءل مع علمه ولذلك عقبوه بقولهم : (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٢).
والعلم من وجه آخر نوعان : نظريّ وعملي ؛ فالنظريّ ما إذا علم فقد كمل ، نحو العلم بموجودات العالم ، والعمليّ ما لا يتمّ إلا بأن يعمل (٣) كالعلم بالعبادات. ومن وجه آخر ضربان : عقليّ وسمعيّ. والعلم قد يتجّوز به عن الظنّ كقوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) لا سبيل إلى القطع بالإيمان الباطن. كما يستعار الظنّ للعلم كقوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٤) وقد تقدّم تحرير ذلك في باب الظنّ. قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٥) وقد تقدّم تحرير ذلك في باب الظنّ. قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(٦) أمر بالقطع والبتّ. وهو (٧) لم يزل كذلك ، وإنّما هو تعليم لأمّته. ودلّ ذلك على وجوب علم التوحيد وما شاكله من أصول الدين.
وأعلمته وعلّمته ـ بالهمزة والتضعيف ـ : واحد ، إلّا أنّ الاستعمال خصّ الإعلام بإخبار سريع ، والتعليم بما يكون فيه تكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم. وقال بعضهم : التعليم : تنبيه النفس لتصوير المعاني ، والتعلّم : تنبيه النفس لتصّور ذلك. وربّما استعمل في معنى الإعلام إذا كان فيه تكثير نحو قوله : (أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ)(٨) وقوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) فتعليمه الأسماء هو أن جعل له قوة بها نطق ، ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه في روعه ، وكتعليمه الحيوانات كلّ واحد فعلا يتعاطاه وصوتا يتحرّاه. قوله : (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(٩) قيل : عنى به العلم الخاصّ الخفيّ على البشر الذي يرونه ، ما لم يعرّفهم (١٠) ، منكرا بدلالة ما رآه موسى عليهالسلام منه لمّا تبعه فأنكره بظاهر شريعته حتى عرّفه ، وعلى هذا العلم في قوله : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ
__________________
(١) ١٠٩ / المائدة : ٥.
(٢) تابع الآية السابقة.
(٣) في ح : يعلم.
(٤) ٤٦ / البقرة : ٢.
(٥) ٤٦ / البقرة : ٢.
(٦) ١٩ / محمد : ٤٧.
(٧) في ح : وقد.
(٨) ١٦ / الحجرات : ٤٩.
(٩) ٦٥ / الكهف : ١٨.
(١٠) يعني الله تعالى.