.................................................................................................
______________________________________________________
فاتضح ان قوله : ((في الجملة)) لبيان ان الاخبار الثلاثة لو تمت دلالتها لكانت دالة على الاتيان بالباقي عند العجز في الجملة لا مطلقا ..
الأول : من الاخبار قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (اذا امرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم) وكيفية الاستدلال به ان قوله اذا امرتكم يدل على الامر الوجوبي اما لان مادة الامر تدل على الوجوب ، او في خصوص المقام بقرينة قوله ذلك بعد ان خطب صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ان الله كتب عليكم الحج ، ثم بعد ان سأله عكاشة او سراقة عن انه مرة او متكرر في كل عام؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم اذا امرتكم .. الخ ، فقرينة المقام تدلّ على ان المراد من الامر هو الامر الوجوبي ، ثم ان المراد من الشيء هو الواحد اما واحدا جنسيا او نوعيا او صنفيا ، ويكون المراد منه هو المركب ، ولا بد وان يكون المراد منه هو المركب بقرينة قوله منه ، لان (من) اما ان تكون بمعنى الباء وهو بعيد لندرة استعمال (من) بمعنى الباء ، فانه لم يرد في القرآن الكريم استعمالها بمعنى الباء ، نعم في قوله تعالى : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ)(١) ادعى يونس انها بمعنى الباء : أي ينظرون اليك بطرف خفي ، وانكر عليه القوم غيره ، وقالوا : انها في الآية بمعنى الابتداء ، والمعنى انهم ينظرون اليك مبتدءين من الخفاء في مقام النظر ، واذا لم تكن (من) بمعنى الباء فلا بد اما ان تكون بيانيّة كما وردت في قوله تعالى : (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ)(٢) فان المراد أن الاساور هي الذهب لا ان الاساور من بعض الذهب. او تكون تبعيضيّة كما في قوله تعالى : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ)(٣) وفي قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ)(٤).
__________________
(١) الشورى : الآية ٤٥.
(٢) الكهف : الآية ٣١.
(٣) البقرة : الآية ٢٥٣.
(٤) الاحزاب : الآية ٢٣.