الثالث (١) : هو أنه لو كان جسما ؛ لكان له بعد ، وامتداد ، وذلك [البعد (٢)] إما أن يكون غير متناه ، أو متناهيا.
فإن كان غير متناه : فإما أن يكون غير متناه من جميع الجهات ، أو من بعض الجهات دون البعض.
فإن كان الأول : فهو محال لوجهين :
الأول : ما سنبينه من إحالة بعد لا يتناهى.
والثانى : أنه يلزم منه أن لا يوجد جسم غيره ، أو أن يداخل الأجسام ، ويخالط القاذورات ؛ وهو محال.
/ وإن كان الثانى : فهو ممتنع أيضا لوجهين :
الأول : ما سنبينه أيضا من إحالة بعد لا يتناهى.
والثانى : أنه إما أن يكون اختصاص أحد الطرفين بالنهاية ، دون الآخر لذاته ، أو لمخصص من خارج.
فإن كان الأول : فهو محال ؛ لعدم الأولوية.
وإن كان الثانى : فيلزم أن يكون الرب ـ تعالى ـ مفتقرا فى إفادة مقداره إلى موجب ومخصص ، ولا معنى للبعد غير نفس الأجزاء على ما تقدم ؛ فيكون الرب ـ تعالى ـ معلول الوجود ؛ وهو محال.
وإن كان متناهيا من جميع الجهات : فله شكل ومقدار. وهو إما أن يكون مختصا بذاك المقدار ، والشكل : إما لذاته ، أو لأمر خارج.
فإن كان الأول : لزم اشتراك جميع الأجسام فيه ، ضرورة الاتحاد فى الطبيعة.
وإن كان الثانى : فالرب تعالى محتاج فى وجوده إلى غيره ؛ وهو محال (٣).
الرابع (٤). أنه لو كان جسما ؛ لكان مركبا من الأجزاء ؛ وهو محال لوجهين :
__________________
(١) نقل ابن تيمية الوجه الثالث فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٩٩ ـ ٢٠٠) ثم علق عليه وناقشه فى ص ٢٠٠ ـ ٢١٩.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية فى كتابه ٤ / ١٩٩ ، ٢٠٠.
(٤) نقل ابن تيمية الوجه الرابع فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٢١٩ ـ ٢٢٠) من أول قول الآمدي : «الرابع : أنه لو كان جسما ... إلى قوله : إنه واجب لذاته» وقد علق عليه وناقشه فى ص ٢٢٠ وما بعدها.