«الفصل الثامن عشر»
فى تحقيق معنى المضطر
قال الشيخ أبو الحسن الأشعرى : إن المضطر : هو الملجأ إلى مقدوره ؛ لدفع ضرر متوقع بتقدير عدم المقدور الملجأ إليه.
وقال القاضى أبو بكر : المضطر : هو المحمول على ما عليه فيه ضرر من مقدوراته ؛ لدفع ما هو أضر منه.
واتفق الجبائى ، وابنه : على أن المضطر : هو الّذي يفعل فيه الغير فعلا هو من قبيل مقدورات المضطر.
غير أن الجبائى : لم يشترط أن يكون المفعول فيه غير قادر على مدافعة الفاعل ، وشرطه ابنه.
وحاصل النزاع فى هذه المسألة : وإن كان يرجع إلى الإطلاقات اللفظية ؛ فالذى قاله القاضى أقربها.
وأما ما (١) قاله الشيخ ؛ فإنه يوجب أن يكو الملجأ إلى أكل المطعوم اللذيذ الّذي لا ضرر عليه فيه ، وداعيته مصروفة إليه (٢) مضطر ؛ وهو (٢) خلاف وضع اللغة ، والعرف.
وأما ما ذهب إليه الجبائى : فباطل من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه ينتقض بالضعيف المدنف إذا حرك يد الأيّد القوى ، ولم يقصد القوى دفعه وممانعته ؛ فإنه قد فعل فيه الغير فعلا هو من قبيل مقدوره ، ومع ذلك لا يسمى مضطرا.
الثانى : هو أن المضطر : حكم يرجع إلى الجملة ، وما فعل فيه مختص بمحل الفعل ؛ وهو خلاف مذهب الجبائى.
__________________
(١) فى ب (الّذي).
(٢) في ب (عليه أو هو).