وأما إجماع الأمة : فلأن الأمة مجمعة على أن المستقل بالموت ، والإحياء : إنما هو الله ـ تعالى ـ.
وأما نصوص الكتاب : فقوله ـ تعالى ـ : (هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ) (١). وقوله ـ تعالى ـ : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) (٢). إلى غير ذلك من الآيات.
ثم يلزم الجبائى القائل : بتولد الموت من فعل العبد. أن يكون العبد قادرا على الحياة المضادة للموت ؛ لأن من مذهبه أن القادر على الشيء يكون قادرا على ضده ؛ وهو محال.
التفريع التاسع :
اتفق القائلون بالتولد : على تعذر اجتماع حركتين ، متماثلتين فى جزء واحد ، فى وقت واحد ، بقدرة واحدة ، إلى خلاف جهة اعتماده ، ولم يمنعوا من وجود حركات ؛ كل حركة فى محل بقدرة واحدة ؛ لكن بشرط تفرق المحال. وإن تضامت المحال واجتمعت ؛ فيمتنع على القدرة الواحدة ما كان جائزا لها حالة الافتراق إلا أن يقوم بمحل القدرة أعداد من القدر موازية لأعداد الأجزاء المحركة المجتمعة ، وكل قدرة تؤثر فى كل جزء وحركة ؛ فيجتمع فى كل جزء حركات بعدد جملة الأجزاء المحركة.
وعلى هذا : فلو كانت الأجزاء المحركة عشرة مثلا ؛ فلا بد من عشر قدر قائمة بالفاعل القادر على التحريك. وكل قدرة ؛ فهى مؤثرة فى كل جزء بحركة ؛ فالحركات القائمة بكل جزء عشر.
هذا أصل القوم ، وعليه اتفاقهم ، وهو من التحكمات الباردة ، والدعاوى الجامدة.
فإنه لو قيل لهم : لم كانت القدرة الواحدة تحرك الأجزاء المتفرقة؟ ، وتوجب فى كل واحد منها حركة. ويمتنع عليها ذلك عند تضام (٣) الأجزاء. مع أنه (٤) ما حدث بالتضام (٥) ثقل ، ولا زيادة فى الأجزاء ، ولا فارق غير الاجتماع والافتراق ، لم يجدوا إلى
__________________
(١) سورة يونس ١٠ / ٥٦.
(٢) سورة البقرة ٢ / ٢٥٨.
(٣) فى ب (انضمام).
(٤) فى ب (أن).
(٥) فى ب (بالانضمام).