«الفصل الثالث»
«فى تعلق الاستطاعة بالفعل»
مذهب أهل الحق (١) من الأشاعرة : أن القدرة الحادثة لا تتقدم على مقدورها ، ولا تتعلق به قبل حدوثه ؛ بل وقت حدوثه.
ووافقهم على ذلك : النجار من المعتزلة ، ومحمد (٢) بن عيسى ، وابن الراوندى (٣) ، وأبو عيسى (٤) الوراق ، وغيرهم.
وذهب أكثر المعتزلة ، والبكرية ، وكثير من الزيدية (٥) ، والمرجئة (٦) : كضرار بن عمرو ، وحفص (٧) الفرد : إلى أن القدرة يستحيل تعلقها بالحادث وقت حدوثه ، وإنما تتعلق به قبل حدوثه.
ثم اختلف هؤلاء :
__________________
(١) انظر اللمع للأشعرى ص ٩٣ وما بعدها والإبانة له أيضا ص ٥٠ ـ ٥٢ والإرشاد لإمام الحرمين ٢١٥ وما بعدها.
أما عن رأى المعتزلة فى هذه المسألة : فانظر شرح الأصول الخمسة ص ٣٩٠ ـ ٤١٧.
(٢) محمد بن عيسى : الملقب ببرغوث. شيخ البرغوثية ، كان على مذهب النجار فى أكثر أقواله. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٩ والملل والنحل ١ / ٩٠).
(٣) ابن الراوندى : أبو الحسين أحمد بن يحيى الراوندى ، فيلسوف مجاهر بالإلحاد من سكان بغداد من أهم كتبه (فضيحة المعتزلة) رد الخياط عليه فى كتابه (الانتصار والرد على ابن الراوندى الملحد) وكان قبل مجاهرته بالإلحاد من متكلمى المعتزلة ، ونسبت إليه إحدى طوائفهم (الراوندية) وقيل : إنه تاب فى أواخر أيامه ، وتوفى سنة ٢٤٥ ه.
(الوفيات ١ / ٧٨ ترجمة رقم ٣٤ والفرق بين الفرق ص ٦٦ والاعلام ١ / ٢٥٢)
(٤) أبو عيسى الوراق : محمد بن هارون الوراق ، أبو عيسى : باحث معتزلى ـ من أهل بغداد ، له مصنفات فى الاعتزال ، توفى ببغداد سنة ٢٤٧ ه (لسان الميزان ٥ : ٤١٢ والاعلام ٧ : ٣٥١).
(٥) الزّيدية : هم أتباع زيد بن على بن الحسين بن على رضى الله عنهم. قالوا : بالإمامة فى أولاد على من فاطمة رضى الله عنهما ، ولم يجوزوها فى غيرهم ـ ومعظمهم ثلاث فرق : الجارودية ، السليمانية والبترية.
(الملل والنحل ١ / ١٥٤ ـ ١٦٢ والفرق بين الفرق ص ٢٢ ، ٣٠ ـ ٣٧).
(٦) المرجئة : هم جماعة تكلموا فى الإيمان ، والعمل ، والإرجاء تأخير الحكم فى مرتكب الكبيرة إلى يوم القيامة ؛ فلا يقضى عليه بحكم فى الدنيا ـ وكانوا يقولون لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة ـ وهم أربعة أصناف : مرجئة الخوارج ، ومرجئة القدرية ، ومرجئة الجبرية ، والمرجئة الخالصة ، أما عن رأيهم بالتفصيل فانظر (الملل والنحل ١ / ١٣٩ ـ ١٤٦ والفرق بين الفرق ص ٢٠٢ ـ ٢٠٧).
(٧) حفص الفرد : من المرجئة ، وكان من رؤساء الضّرارية ، ويكنى أبا عمرو ، وكان من أهل مصر ، قدم البصرة ، وناظر أبا الهذيل العلاف ، وقد ناظره الإمام الشافعى وكفره (ميزان الاعتدال الترجمة رقم ٢١٤٣ والفرق بين الفرق ص ٢١٤ والملل والنحل ١ / ٩٠).