وكانوا يوجبون : فى اليوم والليلة ، أربع صلوات ، ويحرمون الزنا ، والقتل ، والسرقة ، والكذب ، والسحر ، والبخل ، وعبادة الأوثان إلى غير ذلك.
الفرقة الثانية : المزدكيّة (١).
أصحاب مزدك الّذي ظهر فى زمن أنو شروان ، وقتله أنو شروان. ومعتقدهم فى قدم النور ، والظلمة : كاعتقاد المانوية ، إلا أنهم يقولون : إن (٢) النور عالم حساس (٢) ، وأنه يفعل ما (٣) يفعل بالقصد. والاختيار ، بخلاف الظلام ؛ فإنه جاهل أعمى ، وأن ما يفعله بحكم الاتفاق ، والخبط ، وأن الامتزاج بينهما بالاتفاق ؛ وكذلك تخلص أحدهما من الآخر.
ومن مذهبهم : تحريم المخالفة (٤) ، والمباغضة ، والمقاتلة ، وإباحة الأموال ، والنساء ، والحكم باشتراك الناس فيها : كاشتراكهم فى الماء ، والكلأ.
الفرقة الثالثة : الدّيصانيّة (٥).
أصحاب ديصان : فمذهبهم فى النور ، والظلمة ، كمذهب المزدكية ، إلا أنهم يخالفونهم فى أن ما يحدث من الشّر كائن عن الظلام بطبعه ، لا بحكم الاتفاق.
الفرقة الرابعة : المرقونيّة (٦).
وقد وافقوا من تقدم ذكره : فى إثبات النور ، والظلام ، وخالفوهم فى إثبات أصل ثالث : وهو المعدل الجامع بين النور ، والظلمة ، وسبب المزاج بينهما ؛ ضرورة أنهما متضادان ، وامتزاج المتضادين لا يكون إلا بموجب للامتزاج.
__________________
(١) المزدكيّة : نسبة إلى مزدك. فارسى من نيسابور ، ولد سنة ٤٨٧ م وقتل فى سنة ٥٢٣ م. قال بالاثنين ، وأباح اشتراك الناس فى الأموال والنساء. وهذا ما دعى إلى إقبال الناس عليه. وقد دخل الإسلام فارس ، والمزدكية منتشرة فى بعض نواحيها. أما عن آرائهم فانظر (المغنى ٥ / ١٦ والملل والنحل ٢ / ٥٤ ـ ٥٥ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٥١ ـ ٢٥٢).
(٢) فى ب (أن العلم إحساس).
(٣) فى ب (لما).
(٤) فى ب (المختلفة).
(٥) الدّيصانيّة : هم أصحاب ديصان الّذي ظهر قبل مانى ، ومهد له. أثبتوا أصلين نورا ، وظلاما : فالنور يفعل الخير قصدا ، واختيارا. والظلام يفعل الشر طبعا ، واضطرارا. وقد أدخل هرمنيوس بن ديصان رئيس الفرقة بعد أبيه مزيجا من الغنوصية ، والأفلاطونية ، والرواقية فى المذهب. وقد تأثر به بعض الإسلاميين. (الملل والنحل ٢ / ٥٥ ، ٥٦ والمغنى ٥ / ١٦ ، ١٧ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٤٦ ـ ٢٤٨).
(٦) المرقيونيّة : أصحاب مرقيون ؛ أثبتوا أصلين قديمين متضادين ، أحدهما النور ، والثانى الظلمة ، أثبتوا أصلا ثالثا هو المعدل الجامع ، وهو سبب المزاج. وكان مرقيون هذا ممن لقى بعض تلامذة المسيح ، وأخذ عنه.
(الملل والنحل ٢ / ٥٧ ، ٥٨ والمغنى ٥ / ١٧ ، ١٨).