«المسألة الثامنة»
«فى معنى الطبع ، والختم ، والأكنة»
وقد ورد الكتاب العزيز بالطبع ، والختم ، والأكنة على القلوب. قال الله ـ تعالى ـ (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) (١) الآية.
وقال ـ تعالى ـ : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) (٢) الآية. وقال ـ تعالى ـ : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) (٣).
وقد أختلف المتكلمون فى مدلول هذه الألفاظ :
فذهب أهل (٤) الحق : ـ إلى أنه عبارة عن خلق الضّلال فى القلوب.
وأما المعتزلة : فمختلفون على مذاهب سنبينها فى معرض الاعتراض والانفصال عنها إن شاء الله ـ تعالى.
ووجه الاحتجاج على مذهب أهل الحق : هو أن خلق الضّلال فى القلوب مانع من الإيمان ، والهدى ؛ بمعنى أنه يتعذر الجمع بينهما. والختم ، والطبع ، والأكنة ، فى اللغة موانع على الحقيقة.
وإنما سميت بذلك : لكونها مانعة ، وخلق الضّلال فى القلوب مانع من الهدى ، فصح تسميته بهذه الأسماء ؛ إذ الأصل إنما هو الاطراد. اللهم إلا أن يمنع مانع ، والأصل عدمه ؛ فمن ادعاه يحتاج إلى البيان.
فإن قيل : إنما يتعين حمله على ما ذكرتموه أن لو تعين ، وليس كذلك ؛ بل أمكن أن نحمل هذه الألفاظ على معنى الوسم ؛ فإن الطّبع والختم فى اللغة ، هو الوسم.
__________________
(١) الموجودة فى نسخة أ (بل طبع الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون) والأصح حذف بل وهذه الآية رقم ٩٣ من سورة التوبة.
أما نسخة ب فالموجود فيها ما أثبته ، وهي الآية رقم ١٥٥ من سورة النساء.
(٢) سورة البقرة ٢ / ٧.
(٣) سورة الأنعام ٦ / ٢٥.
(٤) لتوضيح رأى أهل الحق فى هذه المسألة وردهم على خصومهم : انظر الإبانة للأشعرى ص ٥٤ ـ ٥٥ والإرشاد لإمام الحرمين ص ٢١٣ ، ٢١٤ ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤١١ ـ ٤١٥.
ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي : انظر شرح المواقف ٢ / ٣٨٨ وشرح المقاصد ٢ / ١١٧.