وقالوا : يزدان قديم ، وأهرمن مخلوق من فكرة ردية حدثت ليزدان : وهو أنه لو كان لى منازع فى ملكى كيف يكون؟ ويزدان : أصل الخير. وأهرمن : أصل الشر.
الفرقة الثانية : الزّروانيّة (١).
زعموا : أن النور قديم ، وأنه أصل الموجودات ، وأنه أبدع أشخاصا من نور كلها روحانية ؛ لكن الشخص الأعظم منه واسمه زروان شك فى شيء من الأشياء فحدث منه أهرمن ، وهو الشيطان.
الفرقة الثالثة : المسخيّة (٢).
وهم الذين قالوا : إن النور كان وحده فى القدم ، ثم انمسخ بعضه ؛ فصار ظلمة.
الفرقة الرابعة : الزّرادشتيّة (٣).
أصحاب زرادشت : وهؤلاء زعموا : أن زرادشت كان نبيا ، وأنه كان يعتقد أن مبدأ العالم هو الله ـ تعالى ـ وأنه قديم أزلى ، وأنه خلق النور ، والظلمة متضادين ، ومزجهما لحكمة رآها. ومن امتزاجهما يكون العالم ، ولا يزالان فى التقاوم والتغالب : إلى أن يغلب الخير والشر ، والنور الظلمة ، ويتخلص الخير إلى عالمه ، وينحط الشر عنه ، وهو المعاد.
وربما زعموا : أن الله ـ تعالى ـ خلق النور أصلا ، ووقع الظلام تبعا له لا / بالقصد الأول : كاتباع الظل ، لوجود الشخص.
__________________
(١) الزّروانيّة : كانت تسود أيضا الأساطير الفارسية ، ويقال إنها عاصرت النبي سليمان بن داود ، وأنها قاومته مقاومة عنيفة. والزروانية عقيدة تشبه الكيومرثية. غير أنها صورت نشأة الموجودات فى صورة أخرى. فقررت أن النور أبدع أشخاصا ، وأن أعظمها زروان الّذي فكر فى نفسه ؛ فحدث منه أهرمن ، أو الشر. أما عن آرائهم (فانظر الملل والنحل ٢ / ٣٩ ـ ٤١ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٤١ ، ٤٢).
(٢) المسخيّة : وهى إحدى فرق الزروانية غير أنها قالت إن النور كان وحده ، ثم انمسخ بعضه ؛ فصار ظلمة (انظر الملل ٢ / ٤١).
(٣) الزرادشتية : نسبة إلى زرادشت الّذي عاش فى منتصف القرن السابع قبل ميلاد المسيح ، وتوفى على الأرجح سنة ٥٨٣ ق. م وأبوه : كان من آذربيجان ويسمى يورشب. وأمه من الرى واسمها : دغدوية.
وقد انتقل زرادشت إلى فلسطين ، واستمع إلى بعض أنبياء بنى إسرائيل من تلاميذ النبي أرميا ، ثم عاد إلى أذربيجان. والزرادشتية هى التى أثرت فى حضارة فارس ، وكانت الدين الرسمى لها عند فتح المسلمين لها ؛ بل إنه عاصر الإسلام وما زال حتى يومنا هذا تحت اسم الدين البارسى. والبهائية يعترفون به ، ويزعمون أنه : وردت فى الزند افسته ـ كتاب الزرادشتية ـ بشارات بالبهاء والباب. أما عن آرائهم فانظر (الملل والنحل ٢ / ٤١ ـ ٤٩ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٤٢ ـ ٢٤٦).