وأما قضية (١) أبى جهل : فلا احتجاج بها ؛ إذ الإيمان منه ممكن ، وهو ممكن منه ؛ لكونه مقدورا له. وهذا هو القدر الّذي يوجبه من التمكين ؛ وهو واقع (٢).
والجواب :
أما السؤال الأول : فمبنى على التحسين ، والتقبيح ؛ وقد أبطلناه.
وأما الثانى : فمندفع.
أما قولهم : أنه يلزم منه العبث ؛ فقد أجبنا عليه.
وقولهم : يلزم منه الظلم ، فإنما يتصور أن لو كان قابلا لاتصافه بالظلم ، وليس كذلك ؛ فإن الظلم : إنما يتصور فى حق من تصرفه فى ملك غيره من غير حق ، أو بمخالفة من المتصرف فيما هو داخل تحت أمره وحكمه ؛ وذلك كله مما لا يمكن تحقيقه فى حق الله ـ تعالى ـ مع أن ذلك أيضا مبنى على أصولهم فى التحسين ، والتقبيح ؛ وقد أبطلناه.
ثم يلزم على ما ذكروه من التكليف بالإيمان لمن علم الله ـ تعالى ـ أنه لا يؤمن.
قولهم : الإيمان ممكن فى نفسه.
قلنا : الإيمان غير كاف فى التمكين إلا مع الإقدار عليه.
قولهم : أنه مقدور له.
قلنا : لا نسلم أنه قادر عليه قبل الفعل ؛ إذ القدرة عندنا لا تسبق الفعل ؛ على ما سيأتى تعريفه.
ثم وإن سلمنا كونه مقدورا ؛ لكنه لا فرق فى عدم التمكين بين ما كان مستحيلا باعتبار ذاته ، وبين ما كان ممتنعا باعتبار غيره ؛ لاستوائهما فى امتناع الوقوع.
__________________
(١) فى ب (قصة).
(٢) فى ب (واجب).