«الفرع الثالث»
فى الرد على الطبيعيين
واعلم أن ما يخالف فيه الطبيعيون لأهل الحق من المسائل كثيرة متعددة ، وسنستقصى الرد عليهم فى كل موضع على (١) حسبه (١) ، والرد عليهم هاهنا إنما هو خصيص بما نحن فيه ، من نفى مؤثر ، وموجد (٢) غير الله ـ تعالى.
وقد ذهبت الفلاسفة الطبيعيون : إلى أن بعض ما نشاهده من حركات الأجسام البسيطة ، والمركبة ، والآثار الصادرة عنها ؛ إنما هو لقوى موجودة فى تلك الأجسام ، لو قدر خلوها عنها ؛ لم يكن اختصاص ذلك الجسم بما صدر عنه أولى من غيره.
ثم صدور ما صدر عن تلك القوة : إما أن يكون متنوعا ، أو غير متنوع ؛ بل هى على نهج واحد ، والمتنوع به : إما أن يكون مع شعور به ، أو لا مع شعور به.
فإن كان الأول : فكحركة الحيوان.
وإن كان الثانى : فكحركة النبات فى نموه ، ونشو فروعه.
وإن كان على نهج واحد : فإما أن يكون أيضا مع شعور به ، أو لا مع شعور به.
فالأول : كالحركة الدورية للأفلاك. والثانى : كحركة الحجر فى هويه ، وتبريد الماء ببرده ، وتسخين النار بحرها ، ونحو ذلك.
وزعموا أيضا : أن ما نشاهده من أنواع المركبات فيما تحت مقعر فلك القمر من المعدنيات ، والنبات ، والحيوانات ، وخواصها ؛ إنما هو بحركات العناصر بعضها إلى بعض ، وامتزاجها.
وربما زاد الأقدمون منهم على ذلك وقالوا : إن أصل العالم أجزاء قديمة جسمانية صغار كرية فى خلا ممتد متشابه الأجزاء ، وأنها (٣) لم تزل تلك الأجزاء الجسمانية
__________________
(١) فى ب (بحسبه).
(٢) فى ب (موجد).
(٣) فى ب (أو أنها).