وإن كان الثالث : فما به الاتحاد فى كل واحد من الإلهين يتوقف تحققه فيه على اجتماع ما به الافتراق بين الإلهين فيه ، وإلا فلا تحقق له فيه ؛ لعدم استقلال أحد المختلفين بالاستلزام ، ويلزم من ذلك عدم الافتراق بينهما ؛ وهو خلاف الفرض.
وأما إن قيل بالقسم الثالث : وهو الاستلزام من الجانبين ؛ فهو محال لما سبق فى القسمين الأولين ؛ إذ هو مركب منهما.
واعلم أن هذا المسلك وإن دق النظر فيه ، وحسن تحريره ؛ فإنما يلزم أن لو كان ما به الاتفاق ، والافتراق فى الإلهين وجوديا ، وبتقدير أن يكون ما به الافتراق وجوديا ، وهما مفترقان به لذاتيهما ، وما به الاتفاق سلبى : وهو عدم الافتقار إلى العلة كما سبق فى المسلك الأول تقريره ؛ فهو غير لازم ، وإلا لما تصور وجود مختلفين أصلا ؛ ضرورة أنهما لا بد من اتفاقهما فى سلب غيرهما عنهما ؛ وهو محال مخالف للعقل والحس.
ثم وإن سلمنا أن ما به الاتفاق أمر وجودى ، غير أنه يلزم مما قيل من البرهان أن لا توجد الأنواع المختلفة بذواتها ، المتفقة بأمور ثبوتية عامة لها ؛ وذلك كالسواد ، والبياض ؛ اذ هما وجوديان ، وهما مختلفان لذاتيهما ، ومتفقان باللونية ، وكذلك الإنسان ، والفرس ، وسائر الأنواع ، وما لزم من القول به أمر محال ؛ فيكون لا محالة فاسدا فى نفسه من جهة الجملة ، وإن لم يكن فساده مفصلا.
المسلك الخامس :
لو قدرنا وجود إلهين لكل واحد [منهما] (١) من صفات الإلهية ما للآخر فهما مثلان (٢) ؛ لاشتراكهما فى أخص صفة نفس أحدهما.
وعند ذلك : فلو قدرنا جوهرا حدث : فإما أن يستند فى حدوثه إلى أحدهما / دون الآخر ، أو إليهما ، أو لا إليهما.
لا جائز أن يقال بالأول ؛ إذ ليس إضافته إلى ما أضيف إليه أولى من الآخر لتماثلهما.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) فى ب (متلازمان).