الفصل الرابع
فى أن الإرادة الحادثة لا توجب المراد
مذهب الأشاعرة : أن الإرادة غير (١) موجبة للمراد (١)
ووافقهم على ذلك الجبائى ، وابنه ، وجماعة المتأخرين من المعتزلة.
وذهب النظام ، والعلاف ، وجعفر بن حرب (٢) ، وطائفة من قدماء البصريين : إلى أن الإرادة توجب المراد ؛ إذا كان المراد فعلا للمريد ، وكانت الإرادة قصدا إلى إيقاع الفعل المقدور عند زوال الموانع.
وأما إن كانت الإرادة عزما ، أو كانت الإرادة لفصل الغير فلا.
أما حجة أصحابنا على امتناع كون الإرادة موجبة للمراد : فما أسلفناه فى امتناع كون القدرة الحادثة موجبة للمقدور ؛ فعليك بنقله إلى هاهنا (٣).
وأما النظام : فإنه قال : إذا أراد المريد الحركة إلى جهة اليمنة تقديرا ، وكانت إرادته قصدا لإيقاع الفعل مع ارتفاع / الموانع : فإما أن يقال بجواز وقوع الحركة فى الحالة الثانية من وجود الإرادة إلى جهة غير جهة اليمنة ، أو أنه لا بد من وقوع ما عينه من الحركة.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا فتلك الحركة : إما أن تقع مرادة ، أو غير مرادة.
لا جائز أن تقع من غير إرادة : وإلا لأمكن مثل ذلك فى كل حركة ؛ إذ ليس البعض بالاستغناء عن الإرادة أولى من البعض.
وإن كان وقوعها بالإرادة : فالإرادة لها : إما أن تكون مقارنة لها ، أو متقدمة عليها.
لا جائز أن يقال بالمقارنة : لأن الإرادة قصد ، والقصد إلى الشيء يجب أن يكون مقدما على ذلك الشيء.
__________________
(١) فى ب (لا توجب المراد).
(٢) جعفر بن حرب الهمذانى. من أئمة المعتزلة البغداديين ، أخذ الكلام عن أبى الهذيل العلاف بالبصرة ، وصنف مؤلفات فى الكلام توفى سنة ٢٣٦ ه.
(الفرق بين الفرق ١٣٣ ، ١٦٧ ، والملل ٥٩ ، ٦٩ والأعلام ٢ : ١١٦).
(٣) انظر ل ٢٢٩ / أوما بعدها.