«الفصل العاشر»
فى امتناع تعلق القدرة / الواحدة بمقدور واحد
من وجهين. وأن القادر على الحركة هل يقدر على
تحريك جزء فرد من أجزائه دون الباقى ، أم لا؟
وقد اتفق أرباب المذاهب : على امتناع تعلق القدرة الواحدة بمقدور واحد من وجهين ، وسواء كانت القدرة قديمة ، أو حادثة ، وسواء كانت القدرة الحادثة مؤثرة ، أو غير مؤثرة. على اختلاف المذاهب.
وعند ذلك : فلا بد من التفصيل فنقول :
أما القدرة القديمة المخترعة : فيظهر امتناع تعلقها بمقدورها من وجهين : على رأى من يعتقد أن الوجود هو نفس الذات ، لا زائد عليها من جهة أن تأثير القدرة : إنما هو فى الوجود ، فإذا كان الوجود هو الذات ، والذات واحدة ؛ فالوجود واحد لا تعدد فيه ، وما لا تعدد فيه ؛ فلا يتصور تعلق القدرة به من وجهين.
وأما من يرى أن الوجود زائد على الذات الموجودة : كالمعتزلة فيبعد امتناع ذلك على معتقده ؛ لأن الوجود عنده حال زائدة على الذات ، ومن معتقده جواز ثبوت حالين متماثلين لذات واحدة ؛ حيث قضى بجواز قيام علمين متماثلين بعالم واحد. وقيام العلمين المتماثلين بالواحد ؛ يوجب له عالميتين متماثلتين. وعند ذلك : فلو قيل له ما المانع من تعلق القدرة الواحدة بمقدور واحد. بالنظر إلى وجودين متماثلين؟ لم يجد إلى دفعه سبيلا ، ومن منع من ثبوت عالميتين متماثلتين لمن قام به علمان متماثلان ؛ فقد خرق قواعد المعتزلة ، وقال قولة لم يقل بها قائل.
كيف : وأنه لو كانت العالمية الثابتة ، لمن قام به العلمان المتماثلان ، متحدة غير متعددة : فإما أن تكون ثابتة بالعلمين ، أو بأحدهما.
لا سبيل إلى الأول ؛ لما فيه من تعليل الحكم الواحد بعلتين ؛ وهو محال كما يأتى (١).
__________________
(١) انظر الجزء الثانى ل ١٢٥ / أالفصل السابع : فى أن الحكم الواحد لا يثبت بعلتين مختلفتين.