وأما المسلك الثالث :
فباطل أيضا : فإنه ما المانع من القول بأن القدرة لا تؤثر فى المسبب بعد وجود السبب؟ ؛ بل إنما تؤثر فيه بشرط أن لا يكون السبب موجودا ، أو أن يقال : شرط تأثير السبب فى المسبب : أن تكون القدرة مباشرة للمسبب. فإذا باشرته ؛ امتنع تأثير السبب فيه ؛ وهذه المطالبة لا مخلص منها.
وأما المسلك الرابع :
فمبنى على امتناع وقوع العلم بالمقدور (١) من غير نظر ، واستدلال ؛ وهو ممنوع على ما تقدم.
وإن سلمنا امتناع ذلك ؛ ولكنه لا يدل على امتناع مباشرته بالقدرة ، مشروطا بالنظر السابق لا بمعنى أن النظر مولد له.
وأما المسلك الخامس :
فلا نسلم ملازمة التخيير فى المقدور / لكونه مقدورا : فإن الفعل القليل مقدور للسليم (٢) بالإجماع ، وإن لم يكن مخيرا فيه.
وإن سلمنا ملازمة التخيير فى المقدور لكونه مقدورا ؛ فإنما يمتنع ذلك أن لو قيل : إن المسبب يكون مقدورا بعد وجود السبب ، ولا مانع أن يقال بكونه مباشرا بالقدرة ، مشروطا بعدم وجود السبب كما تقدم. وعند ذلك فلا يمتنع التخيير.
التفريع الثانى :
ذهب بعض المعتزلة : إلى أن جميع أفعال الرب مقدورة بالقادرية من غير توسط سبب ، وأنه لا يتصور وقوع فعل من أفعاله متولدا عن سبب (٣).
وذهب أبو هاشم فى أحد قوليه : إلى جواز وقوع بعض أفعاله متولدا عن سبب ، وأن ذلك المتولد لا يقع إلا متولدا.
__________________
(١) فى ب (المقدور).
(٢) فى ب (للنائم).
(٣) فى ب (سلب).