«الفرع الرابع»
فى الرد على الصابئية فى قولهم بوجود موجد
غير الله تعالى (١)
والأشبه فى تسمية هذه الطائفة صابئة ؛ لميلهم ، وانحرافهم عن سنن الحق فى نبوة الأنبياء ، ولاتخاذهم آلهة غير الله ـ تعالى ـ أخذا من قول العرب صبا الرجل ؛ إذا مال ، وانحرف.
وهم أربع فرق :
الفرقة الأولى : أصحاب (٢) الروحانيات (٢) :
وقد يقال ذلك بالضم (٣) : أخذا من الروح ، وهو جوهر.
وقد يقال بالفتح (٤) : أخذا من الروح ، وهو حالة خاصة به.
وقد زعم هؤلاء : أن أصل وجود العالم واحد مقدس عن سمات الحدث. هو أجلّ وأعلا من أن يتوصل إلى جلاله بالعبودية له ، والخدمة من السفليات ، وذوات الأنفس المنغمسة فى عالم الرذائل ، والشهوات. وإنما يتقرب إليه بالمتوسطات بينه ، وبين السفليات. وهى أمور : روحانية ، مقدسة عن المواد الجرمانية ، والقوى / الجسمانية ، والحركات المكانية ، والتغيرات الزمانية ، فى جوار رب العالمين. مجبولون على تقديسه ، وتمجيده ، وتعظيمه دائما سرمدا.
__________________
(١) ورد فى مجلة المشرق البيروتية المجلد الرابع الصادر فى سنة ١٩٠١ مقال للأب انستاس الكرملى عن الصابئية ، والمندائية استشهد فيه بما أورده الآمدي هنا من أول الفرع الرابع إلى قوله (إلى كثير من الأحكام المشروعة فى شرعنا هذا) ، وقد نقل من الأبكار أربع صفحات كاملة : وهى تقابل اللوحات من ل ٢٢١ / أ ـ ٢٢٣ / أ.
وقدم للنقل بقوله : (وقد وجدت أفضل متكلمى الأشعرية سيف الدين أبا الحسن بن على الآمدي قد أحسن تمييز هذه الفرق الأربع التى افترقت إليها الصابئة وفاق سائر كتبة العرب ، ومؤرخيهم فى وصفها ، وإمعان النظر فى تدقيق البحث عنها ؛ وذلك فى كتابه الجليل المترجم بكتاب (أبكار الأفكار) وهو غير مطبوع إلى يومنا هذا ، وعزيز الوجود ؛ ولهذا أورد كلامه هنا بتمامه.
أولا : إثباتا لدرر كلامه ومعرفة مقاله. وثانيا : إقرارا بفضله وعلو مكان كماله قال ـ ولله دره من قائل ـ ثم ينقل نصوصه التى لا تكاد تختلف عما ورد هنا إلا فى ألفاظ قليلة. وقد نقلها عن نسختين.
(٢) فى ب (وهم أصحاب الروحانية).
(٣) فى ب (بالرفع).
(٤) فى ب (بالنصب).