«الفصل السابع»
فى أن فعل النائم ، هل هو مقدور له؟
وأن النوم يضاد القدرة ، أم لا؟
وقد اتفقت المعتزلة ، وكثير من أصحابنا : على امتناع وجود الأفعال الكثيرة المحكمة من النائم ، وعلى جواز [صدور (١)] الأفعال القليلة منه.
ثم اختلف القائلون بجواز صدور الأفعال القليلة منه : فى كونها مقدورة له.
فذهبت المعتزلة ، وبعض أصحابنا : إلى كونها مقدورة له ، وأن النوم لا يضاد القدرة ، وإن [تضاد (٢) العلم ، وغيره من الإدراكات (٢)] باتفاق العقلاء.
وذهب الأستاذ أبو إسحاق : إلى أن النوم يضاد القدرة كمضادته للعلم ، وباقى الإدراكات.
وذهب القاضى أبو بكر ، من أصحابنا : إلى أن الفعل القليل الصادر من النائم غير مقطوع بكونه مكتسبا ، ولا بكونه ضروريا مع إمكان كل واحد من الأمرين.
وقد احتج من قال بكونها مقدورة له بحجج.
الأولى : أن النائم كان قادرا فى يقظته ، والقدرة باقية ، والنوم لا ينافى القدرة ؛ فوجب استصحاب الحال فيها.
الثانية : هو أن النائم إذا انتبه ، فهو على ما كان عليه فى نومه ، ولم يتجدد أمر وراء زوال النوم ، وهو قادر بعد (٣) الانتباه ، وزوال النوم غير موجب للاقتدار ، ولا وجوده ناف للقدرة ؛ فوجب الاستواء فيما قبل النوم ، وبعد زواله فى الاقتدار.
الثالثة : هو أنه قد يوجد من النائم ما لو وجد منه فى حالة اليقظة ؛ لكان واقعا منه على حسب القصد ، والاختيار ، والداعية ، والنوم ، وإن نافى القصد والداعية ؛ فغير مناف للقدرة.
__________________
(١) فى أ (ضد).
(٢) فى أ (وأن صادر العلم).
(٣) فى ب (على).