لله ـ تعالى ـ مراد ، وليس مخلوقه مرادا مخصصا بإرادة غيره ، وإلا لخرج عن كونه مستندا لخلقه ؛ وهو محال. فإذن كل كائن ؛ فهو مراد لله تعالى.
وفى الطرف الثانى : وهو أن (١) ما لا يكون غير (١) مراد الكون :
فهو أن ما ليس بكائن من الجائزات ؛ فلا بد وأن يكون الرب ـ تعالى ـ عالما بأنه لا يكون. وإلا كان جاهلا به ؛ والجهل على الله محال كما سبق. ويلزم من علمه بأن لا يكون ؛ استحالة / الكون ، وإلا لانقلب العلم جهلا بتقدير الكون ، والعلم باستحالة وقوع الشيء معلوم بالضرورة ، أنه لا يريده ، ولأنه لو أراده : فإما أن يقع مراده ، أو لا يقع.
والأول : يلزم منه انقلاب العلم جهلا.
والثانى : يلزم منه أن يكون عاجزا قاصرا عن تحقيق مراده ، والكل على الله ـ تعالى ـ محال.
ويعضد (٢) هذه الدلائل العقلية ؛ إجماع السلف والخلف ، فى جميع الأعمار ، والأمصار على إطلاق قولهم : ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، من غير نكير ، وهو دليل على الطرفين.
فإن قولهم : ما شاء الله كان. يدل على الطرف الثانى : وهو أن كل ما ليس بكائن ؛ فهو غير مراد الكون ؛ لأنه لو كان مراد الكون ، ولم يكن ؛ فيكون (٣) على خلاف قولهم : ما شاء الله كان.
وقولهم : وما لم يشأ لم يكن ، دليل على الطرف الأول : وهو أن كل كائن ؛ فهو مراد الكون له ؛ لأنه لو لم يكن مرادا له ؛ لكان كونه على خلاف قولهم : وما لم يشأ لم يكن.
فإن قيل : لا نسلم أن كل كائن مخلوق لله تعالى على ما سبق فى الأصلين المتقدمين. سلمنا أن كل كائن مخلوق لله ـ تعالى ـ ولكن لا نسلم أنه لا بد وأن يكون مريدا له.
__________________
(١) فى ب (ما ليس بكائن فغير).
(٢) فى ب (ومحصل).
(٣) فى ب (لكان).