«الفرع الخامس»
فى الرد على المنجمين ، وأرباب الأحكام
زعم الأحكاميون : أن كل ما فى عالم الكون والفساد ، من التأثيرات ، والتغييرات ، والأمور الحادثة من خير وشر ، ونفع وضر ؛ فمستند إلى الاتصالات الكوكبية ، والحركات الفلكية. كل أثر إلى كوكب ، وأن التأثيرات مختلفة باختلاف المؤثرات السماوية (١). لكن المحققون منهم : معترفون بأن شيئا من ذلك غير مبرهن ، وإنما هو مأخوذ من الوحى وأقوال الأنبياء : كهرمس ، وعادميون ، وغيرهما من الأنبياء. أو التجربة ، ودوران الآثار الخاصة ، مع الاتصالات الخاصة وجودا ، وعدما.
وربما : كان ذلك عند الهنود والعرب ، مستفادا من خواص الكواكب. ولهم أقوال ، وأحكام مختلفة لا مستند لها ، ولا برهان عليها.
ونحن ننبه : على بطلان مآخذهم جملة ، ونبين وجه الضعف فى بعض أحكامهم تفصيلا. بحيث يتنبه الفطن منه على ضعف ما عداه ، وفساد ما سواه.
أما من جهة الجملة :
فهو أن استناد التأثيرات إلى ما قيل من الاتصالات : إما أن يكون مستفادا من التجربة ، أو (من) (٢) الوحى ، أو من خواص الكواكب على ما ذهبوا إليه.
فإن قيل بالاستقراء : فهو باطل ، وذلك لأن اتصال الكواكب السيارة ممتزج بالكواكب الثابتة ، والشكل الفلكى إذا رؤى فى وقت ، فإنه قد لا يعود فى عمر الرائى أكثر من مرة ، أو مرتين ، وربما لا يتكرر فى عمره البتة ؛ بل فى أعمار. وربما لا يعود دون تمام / الدور عندهم فى بعض الأحكام ؛ وذلك مما لا تتحقق معه التجربة.
وإن سلمنا العلم بتكرره : فقد لا يؤمن الانفكاك فى (٣) وقت آخر.
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) ساقط من أ.
(٣) فى ب (فى كل).