ضدان؟ فالذى عليه أصحابنا : التضاد خلافا للمعتزل ؛ فإنهم قالوا : هما غير متضادين ، وإن امتنع الجمع بينهما.
احتج الأصحاب : بأن الإرادة ، والسهو : معنيان يمتنع الجمع بينهما فى المحل الواحد بالنسبة إلى شيء واحد ، ولا يتخيل فيهما مانع للمنع من الجمع غير التضاد ؛ فهما متضادان.
وفيه نظر ؛ إذ ليس كل معنيين يمتنع الجمع بينهما فهما متضادان ؛ فإن القدرة على الحركة على أصولنا معنى ، والسكون المضاد للحركة المقدورة معنى ، ولا يتصور الجمع بين القدرة على الحركة ، والسكون ؛ ضرورة مقارنة القدرة علي الحركة للمحركة ، وليست القدرة / على الحركة ، والسكون ضدين ؛ بل للقدرة (١) على الحركة لازم ضد السكون ؛ وهو الحركة.
وقول القائل : لم يتخيل من الإرادة والكراهة ما يجعل الجمع غير التضاد ، دعوى تفتقر إلي البحث والسبر ، وهو غير يقينى كما سلف (٢).
وأما حجة الخصم : فمن وجهين :
الأول : لو كان السهو مضادا للإرادة ؛ لتعلق بمتعلقها على ضد تعلقها : كالجهل ؛ فإنه لما ضاد العلم كان متعلقا بمتعلق العلم (على) (٣) النقيض من تعلق العلم به ، والسهو ليس كذلك ؛ فإنه متعلق مثيله بالقديم ، والباقى مع استحالة تعلق الإرادة بهما.
الثانى : أنه لو كان السهو مضادا للإرادة ؛ فهو عندكم أيضا مضاد العلم ، ولو كان ضدا لهما ، لتضادا : كالسواد ؛ فإنه لما كان ضدا للبياض والحمرة ؛ كان البياض ، والحمرة ضدين. وليس العلم ضدا للإرادة ؛ فلا يكون السهو ضدا لها.
والجواب عن الحجة الأولى :
لا نسلم أنه لو كان السهو مضادا للإرادة ؛ لكان متعلقا بمتعلقها على النقيض ، ولا يلزم من وقوع ذلك فى بعض المتضادات : كالعلم ، والجهل ؛ وقوع ذلك مطلقا فى كل
__________________
(١) فى ب (القدرة).
(٢) فى ب (سبق).
(٣) فى أ (عن).