وإن كان الثانى : فهو ممتنع لوجهين :
الأول : أنه لا أولوية بأن (١) يكون (١) بعض الأجزاء متصفا بها ، دون الباقى ، مع التساوى فى المعنى.
فإن قيل : هذا إنما يلزم أن لو تساوت الأجزاء. ولعله مركب من أجزاء مختلفة بالنوعية. وعلى هذا فلا يقال لا أولوية.
فنقول : تلك الأجزاء إما أن تكون أيضا أجساما ، أو جواهر بسيطة لا تركيب فيها.
فإن كان الأول : فالكلام فى اتصاف ذلك الجسم الّذي هو الجزء كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
وإن كان الثانى : فذلك الجزء هو الإله ، وهو عود إلى أن الرب ـ تعالى ـ جوهر ، وقد أبطلناه.
الوجه الثانى : أنه (٢) يلزم أن يكون الإله ـ تعالى ـ هو ذلك الجزء دون غيره ، ولا يمكن أن يقال بأنه وإن قامت هذه الصفات بجزء واحد إلا أن الحكم بالعالمية ، والقادرية ، وغير ذلك يعم الجملة. فإنا سنبين أن حكم العلة لا يتعدى محلها.
وإن كان الثالث : وهو أن يكون كل جزء مختصا بصفة من جملة الصفات ، ولا وجود لغيرها فيه ؛ فلا أولوية أيضا.
وإن كان الرابع : فهو محال : لما فيه من قيام المتحد بالمتعدد.
الوجه الثانى (٣) : فى بيان لزوم المحال من اتصافه بهذه الصفات. وهو أنه لا يخلو : إما أن يكون اتصافه بها واجبا لذاته ، أو لغيره.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا لزم اتصاف كل جسم بها وجوبا لذاته للتساوى فى الحقيقة على ما وقع به الفرض.
وإن كان الثانى : فيلزم أن يكون الرب ـ تعالى ـ مفتقرا إلى ما يخصصه بصفاته ، والمحتاج الى غيره فى إفادة صفاته له لا يكون إلها (٤).
__________________
(١) فى ب (لأن يكون).
(٢) فى ب (فى أنه).
(٣) نقل ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٩٤ ، ١٩٥) الوجه الثانى ثم علق عليه وناقشه فى ص ١٩٥ وما بعدها.
(٤) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية فى كتابه ٤ / ١٩٤ ، ١٩٥.