قومي ما لم يخف عليك فقلت : ان كان نبيّا فسيخبر وان كان ملكا استرحت منه ، فتجاوز عنها رسول الله (ص) ومات بشر بن البراء من أكلته الّتى أكل ، ودخل امّ بشر على رسول الله (ص) تعوده في مرضه الّذى توفّى فيه ، فقال : يا امّ بشر ما زالت اكلة خيبر الّتى أكلت بخيبر مع ابنك تعازّنى (١) فهذا أو ان قطعت (٢) أبهري وكان المسلمون يرون انّ رسول الله (ص) مات شهيدا مع ما أكرمه الله به من النّبوّة (وَلِتَكُونَ) يا محمّد (ص) أو لتكون الغنيمة الّتى عجّلها لكم وهو عطف على محذوف اى لتقوّى وترفع ولتكون أو متعلّق بمحذوف معطوف على عجّل اى فعل ذلك لتكون (آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) يعنى الولاية أو صراطا مستقيما واقعا بين الإفراط والتّفريط في كلّ امر (وَأُخْرى) اى ووعدكم مغانم اخرى أو قرى اخرى ، أو اخرى مفعول فعل محذوف معطوف على عجّل اى واعدّ الله لكم قرى اخرى (لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) وقيل : هي المغانم الّتى يزيدها الله للمسلمين الى يوم القيامة ، أو القرى الّتى يفتحها الله للمسلمين الى يوم القيامة ، وقيل : هي غنائم مكّة وهوازن ، أو قرية مكّة ، وقيل : المراد غنائم فارس والرّوم أو ملكهما (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) فلا يخرج من يده حتّى يكون مستعجلا مثلكم فكأنّه قال حفظها عليكم ومنعها من غيركم حتّى تفتحوها (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) لا اختصاص لقدرته بفيء الغنائم وفتح البلاد ونصرة الأنبياء وخذلان الكفّار (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يوم الحديبيّة (لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ) يعنى سنّ الله نصرة الأنبياء وهزيمة الكفّار لو قاتلوا الأنبياء من قبل هذا الزّمان (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ) بالرّعب في قلوبهم والنّهى لكم عن مقاتلتهم والأمر بالصّلح (بِبَطْنِ مَكَّةَ) يعنى الحديبيّة (مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) اى من بعد ان جعلكم مشرفين على الظّفر عليهم أو من بعد ان أظفركم عليهم ببدر ويوم الخندق وفي أحد (وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) جواب سؤال في مقام التّعليل (وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً) محبوسا (أَنْ يَبْلُغَ) من ان يبلغ (مَحِلَّهُ) وهو محلّ النّحر يعنى مكّة فانّها محلّ نحر هدى العمرة (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) بيان لعلّة منعهم عن دخول مكّة (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) بدل من رجال أو من مفعول لم تعلموهم أو بتقدير في ظرف لتعلموهم (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ) عيب يعيبكم به المشركون بان يقولوا : قتلوا أهل دينهم ، أو اثم وجناية أو دية وكفّارة (بِغَيْرِ عِلْمٍ) وجواب لو لا محذوف اى لاغريناكم بهم اولا دخلناكم مكّة (لِيُدْخِلَ اللهُ) متعلّق بمحذوف اى فمنعناكم عن الدّخول ليدخل الله (فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) من المؤمنين بسلامته من القتل والأذى ولحوق الكفّارة والدّية ومن الكافرين بدخوله في الإسلام (لَوْ تَزَيَّلُوا) اى لو تميّز المؤمنون والكافرون (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) من أهل مكّة (عَذاباً أَلِيماً) فلحرمة اختلاط المؤمنين بالكافرين ، ولحفظ نفوس المؤمنين الّذين كانوا بمكّة عن القتل والأذى ، ولحفظ نفوس الّذين كانوا مع محمّد (ص) عن لحوق المعرّة ، ولحفظ نفوس المؤمنين الّذين كانوا في أصلاب الكافرين لم يعذّبهم الله ، وقيل : انّ صلح الحديبيّة كان أعظم فتح للإسلام حيث اختلط المؤمنون بالكافرين وأظهروا دينهم من غير خوف وتقيّة فرغب في دينهم كثير من الكافرين
__________________
(١) اى غلبني.
(٢) الأبهر عرق إذا انقطع مات صاحبه.