لبني زريق ، فمرض رسول الله (ص) فبينا هو نائم إذا أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فأخبراه بذلك وانّه في بئر كذا ، فانتبه رسول الله (ص) وبعث عليّا والزّبير وعمّارا ، فنزحوا ماء تلك البئر ثمّ رفعوا الصّخرة الّتى كانت في قعر البئر فاذا فيه مشّاطة رأس وأسنان من مشطة وإذا فيه معقد فيه اثنا عشر عقد مفروزة بالابر ، فنزلت هاتان السّورتان فجعل كلّما يقرأ آية انحلّت عقدة ووجد رسول الله (ص) خفّة فقام فكأنّما انشط من عقال ، وروى قصّة نزول السّورتين بغير هذا الطّريق مع اختلاف في اللّفظ والمعنى ، ولمّا كان المقصود من الأمر بالقراءة ان يصير القارى بحال يكون لسانه لسان الله أو لسان الملك النّازل من الله لا لسان نفسه ويصير سمعه سمع اللّطيفة النّبويّة فيصير في أمثال هذه المخاطبات آمرا من الله للطيفته النّبويّة ويجعل عالمه الصّغير أنموذجا للعالم الكبير ، جاز ان ينظر القارى حين قراءة السّورة الى عالمه واستعاذ من أهل مملكته من أعضائه وقواها ونفسه وجنودها فيقول امتثالا لأمر الله : أعوذ بربّ الفلق اى بربّ المواليد المنفلق من بدني ونفسي ، أو بربّ الصّبح المنفلق أو الفالق لظلمة ليل طبعي ونفسي من شرّ ما خلق في مملكتي من القوى البهيميّة والسّبعيّة والشّيطانيّة ، ومن الأعضاء والآلات البدنيّة أو من شرّ الاحتجاب بالخلق عن الحقّ فانّ شرّ الكلّ من أهل العالم الكبير أو الصّغير راجع الى الاحتجاب بهم عن الحقّ ، ومن شرّ غاسق اى البدن وظلماته إذا دخل ظلمته في عالم الرّوح وجعل الرّوح مظلما بظلمانيّته ، أو من شرّ امراض البدن إذا دخلت واثّرت في الرّوح ، أو من شرّ القبض أو النّفس واهويتها إذا اثّرت في الرّوح ، ومن شرّ النّفّاثات اى القوى العلّامة والعمّالة الّتى تعقد في طريق السّالك وتنفث بحيلها فيها حتّى لا يمكن للرّوح حلّها والتّجاوز عنها فانّ العلّامة الشّيطانيّة تحمل العمّالة على امر باطل لا حقيقة له فيجعله العلّامة بتمويهاتها بحيث لا يمكن الإنسان ان يتجاوز عنها ولا ان يتركها فتهوي بالانسانيّة من عالمها الى شبكة ذلك الأمر فتهلكها ، ومن شرّ حاسد من النّفس وقواها الّتى تتمنّى مداما زوال النّعمة عن الانسانيّة وعدم ترقّيها الى مقام القلب ومقام الشّهود والغنى ، وتتمنّى ان تكون الانسانيّة في الحجاب والبعد والعذاب مثلها إذا حسد الانسانيّة وألقاها في شبائكها.
سورة النّاس
مدنيّة ، ستّ ايات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) لمّا كان الله تعالى شأنه امر نبيّه (ص) بالاستعاذة من الوسواس الصّادر من شياطين الجنّ والانس ، وكان ذلك الوسواس لا يتعلّق بغير الإنسان النّاسى لذكر الله أضاف الرّبّ الى النّاس وعبّر بالنّاس للاشارة الى انّ ذلك الوسواس لا يكون الّا للنّاسى ، وربّ النّاس هو ربّ الأرباب لكن باسمه المحيط بكلّ الأسماء المسخّر لكلّ الأرباب وهو ربّ النّوع الانسانىّ ، وهو المعبّر عنه بالرّوح وهو أعظم من جبرئيل وميكائيل ولم يكن مع أحد من الأنبياء (ع) وكان مع محمّد (ص) ومرتبته فوق الإمكان وتحت الوجوب وهي مقام علويّة علىّ (ع) والمعنى يا محمّد (ص) أخبر عن استعاذتك بالله وانشئها بلسان قالك وبلسان حالك ، ولمّا كان استعاذتك من شرّ الوسواس وليس يظهر ذلك الّا في مظهر النّاس سواء كان بلسان النّاس أو بلسان الجنّ في صدر النّاس كان ينبغي لك الاستعاذة بربّ النّاس مخصوصا بخلاف استعاذتك في السّورة السّابقة ، ولمّا كان يظهر اوّل الأمر آثار ربوبيّته للسّالك بالتّنقيص والتّكميل والخذلان والجبران بالغفران امر نبيّه (ص) بان يعبّر عنه اوّلا بعنوان الرّبوبيّة وأبدل عنه قوله