مرضيّة بالثّواب فادخلي في عبادي يعنى محمّدا (ص) وأهل بيته وادخلى جنّتى فما من شيء احبّ اليه من استلال (١) روحه واللّحوق بالمنادي وفسّر الآية بالحسين بن علىّ (ع) ولذلك سمّيت السّورة بسورة الحسين بن علىّ (ع).
سورة البلد
مكّيّة ، عشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) اى بلد مكّة وهو البلد الحرام وقد مضى بيان لا اقسم وانّ لا زائدة لتأكيد القسم أو نافية ، ونفى لمعتقدهم ، أو نافية ونفى للقسم (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) اى أنت حلال هتكك ومالك ودمك ، أو أنت حلال لك ما تفعله بهذا البلد وان كان في وقت وهو عام الفتح ، أو حالّ ومقيم بهذا البلد ، والتّقييد تعظيم له (ص) واشارة الى انّ فخامة المكان تكون بالمكين (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) اى آدم (ع) وما ولد ، أو إبراهيم (ع) وما ولد ، أو علىّ (ع) وما ولد من الائمّة (ع) كما روى ، والتّنكير للتّفخيم والإتيان بما في مقام من للتّعجيب ، أو المراد كلّ والد وما ولد بحسب الولادة الجسمانيّة فانّ التّوالد بالكيفيّة المخصوصة في النّزو ، وقرار النّطفة في مقرّ مخصوص وخروج الجنين منه ونموّه وبلوغه مبلغ والده امر عجيب يقسم به ، أو المراد كلّ والد وما ولد بحسب الولادة الرّوحانيّة فانّ الولادة الرّوحانيّة أعجب من الولادة الجسمانيّة ، أو المراد والد الكلّ بالولادة الرّوحانيّة وهو محمّد (ص) وبعده علىّ (ع) (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) اى في شدّة ومشقّة في الدّنيا أو في الرّحم أو من اوّل خلقته أو مستقيما منتصبا بخلاف سائر الدّوابّ ، وعن الصّادق (ع) انّه قيل له : انّا نرى الدّوابّ في بطون أيديها الرّقعتين مثل الكىّ فمن اىّ شيء ذلك؟ ـ قال : موضع منخريه في بطن أمّه وابن آدم منتصب في بطن أمّه ، وذلك قول الله عزوجل : لقد خلقنا الإنسان في كبد ، وما سوى ابن آدم فرأسه في دبره ويداه بين يديه (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) ضمير يحسب راجع الى الإنسان والمراد به مطلق الإنسان ، أو المراد به الإنسان المخصوص يعنى يحسب ان لن يقدر عليه أحد في قتله ابنة النّبىّ (ص) ، وقيل : هو ابو الأسد بن كلدة كان قويّا شديد الخلق (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) اللّبد كصرد وسكر واللّابد المال الكثير يعنى يقول أنفقت مالا كثيرا في عداوة محمّد (ص) مفتخرا به ، أو أهلكت مالا كثيرا في نصرته مغتمّا به ، أو أهلكت مالا كثيرا بامره في الكفّارات وغيرها إظهارا للغرامة والنّدامة ، وقيل : هو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف وذلك انّه أذنب ذنبا فاستفتى رسول الله (ص) فأمره ان يكفّر فقال : لقد ذهب مالي في الكفّارات والنّفقات منذ دخلت في دين محمّد (ص) ، وفي خبر يعنى الّذى جهّز به النّبىّ (ص) في جيش (٢) العسرة ، وفي خبر هو عمرو بن عبد ودّ حين عرض عليه علىّ بن ابى طالب (ع) الإسلام يوم الخندق قال : فأين ما أنفقت فيكم مالا لبدا وكان أنفق مالا في الصّدّ عن سبيل الله (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) اى انّه لم يره أحد في اعماله وأفعاله وأقواله فيطالبه بذلك ويسأله عنه والمقصود انّه يظنّ ان لم يره الله تعالى في ذلك وبئس الظّنّ ذلك لا ينبغي ان يظنّ ذلك كيف لم يره أحد ولم نره وقد خلقناه وجعلنا فيه دقائق القوى والمدارك والأعضاء ومن جعل له هذه الأمور الدّقيقة كيف لا يراه؟! (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) مشتملتين على عشرة أجزاء بحيث جعلنا فيها نورا يبصر به الأشياء (وَلِساناً) مركّبا
__________________
(١) خروج السّيف من الغلاف.
(٢) والمراد بها غزوة تبوك.