وكثرة حلفه تصير سببا لكونه مهينا أيضا (هَمَّازٍ) عيّاب طعّان (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) النّمّ التّوريش والإغراء ورفع الحديث اشاعة له وإفسادا وتزيين الكلام ، والنميم والنّميمة اسم له (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) يمنع قواه ومداركه وأهل مملكته عن خيراتهم الحقيقيّة الّتى هي انقيادهم لولىّ أمرهم وللعقل ثمّ عن خيراتهم المجازيّة اللّازمة لتلك الخيرات ، ثمّ يمنع أهل المملكة الكبيرة عن الخيرات الحقيقيّة ، ثمّ عن الخيرات المجازيّة (مُعْتَدٍ) متجاوز عن الحدّ أو ظالم على نفسه بالطّغيان على الامام (أَثِيمٍ) كثير الإثم (عُتُلٍ) العتلّ الأكول المنيع الجافي الغليظ (بَعْدَ ذلِكَ) المذكور من المثالب (زَنِيمٍ) الزّنيم المستلحق في قوم ليس منهم والدّعىّ واللّئيم المعروف بلؤمة أو شره ، روى عن النّبىّ (ص) انّه سئل عن العتلّ الزّنيم فقال : هو الشّديد الخلق المصحيح (١) الأكول الشّروب الواجد للطّعام والشّراب الظّلوم للنّاس ، الرّحب الجوف ، وعن علىّ (ع): الزّنيم هو الّذى لا أصل له ، وقال القمّىّ : الخير أمير المؤمنين (ع) معتد اى اعتدى عليه عتلّ بعد ذلك قال : العتّل العظيم الكفر والزّنيم الدّعىّ (أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) قد مضى بيان الأساطير مكرّرا في السّابق ، وقيل : نزلت الآيات في الوليد بن المغيرة كان يمنع عشيرته عن الإسلام وكان موسرا وله عشر بنين فكان يقول لهم وللحمته : من أسلم منكم منعته رفدي وكان دعيّا ادّعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) على الأنف قيل : قد أصاب أنف الوليد جراحة يوم بدر فبقي اثره ، وقيل : انّه كناية عن ان يذلّه غاية الاذلال ، وقال القمّىّ : أساطير الاوّلين اى أكاذيب الاوّلين سنسمه على الخرطوم قال في الرّجعة إذا رجع أمير المؤمنين (ع) ويرجع اعداؤه فيسمهم بميسم معه كما يوسم البهائم على الخراطيم الأنف والشّفتان (إِنَّا بَلَوْناهُمْ) اى أهل مكّة بالقحط والجوع (كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) المعهودة الّتى كانت مالكوها مستعدّين لان يصرموها فلمّا دخلوها وجدوها بلا ثمر لانّهم لم يستثنوا وكانت تلك الجنّة على تسعة أميال من صنعاء اليمن وكانت يقال لها الرّضوان (إِذْ أَقْسَمُوا) اى المالكون لها (لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) وقت الصّباح (وَلا يَسْتَثْنُونَ) لا يقولون ان شاء الله وسمّى استثناء لما فيه من الإخراج من مشيّة القائل والتّعليق على مشيّة الله تعالى (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ) اى حرّ طائف كالسّموم ، أو برد طائف (مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ) صارت وقت الصّباح (كَالصَّرِيمِ) كالجنّة المقطوعة الثّمار أو كاللّيل المظلم باحتراقها ، أو كالنّهار المضيء بابيضاضها وعدم خضرتها ، فانّ الصّريم يطلق على اللّيل والنّهار (فَتَنادَوْا) نادى بعضهم بعضا (مُصْبِحِينَ) وقت الصّباح (أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ فَانْطَلَقُوا) الى جنّتهم للصّرم (وَهُمْ يَتَخافَتُونَ) يتسارّون (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا) مفعول ليتخافتون بلا واسطة أو بواسطة الباء الجارّة (الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ) اى على منع للفقراء ، أو على جدّ من أمرهم ، أو على غضب على الفقراء وقت الصّرم (قادِرِينَ) اى يقدّرون عند أنفسهم ذلك (فَلَمَّا) دخلوا بستانهم و (رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ) عن جنّتنا فانّها ليست على صفة جنّتنا ، أو لضالّون عن طريق الحقّ في أمرنا حيث أردنا منع الفقراء فلذلك عوقبنا (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) بل هي جنّتنا لكنّا صرنا محرومين من ثمارها بإرادتنا منع الفقراء (قالَ أَوْسَطُهُمْ) سنّا أو أعدلهم
__________________
(١) وزن مبالغة اى غالب الصّحة وقليل المرض ومقابله الممريض والممراض ، والخبر انّه لا خير في البدن المصحاح.